آخر المواضيع

أهــــــلا وسهـــــــلا بالجميع
حللتم أهلا ونزلتم سهلا

أتمنى من الله ثم منكم أن تكون الزياره مستمره وألا تنقطع ، فبتواصلكم المستمر معي ، ستستمر هذه الحكايه باذن الله ...





بحث

‏إظهار الرسائل ذات التسميات تطوير الذات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات تطوير الذات. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، 11 يناير 2013

قناعاتك الشخصية ليست أفكاراً مقدسة

 
 قناعاتك الشخصية ليست أفكاراً مقدسة

النتيجة التي تتوصل إليها بنفسك تبدو مقنعة أكثر من التي يتوصل إليها غيرك..
والرأي الذي يتبلور في جمجمتك يزيح تلقائيا كافة الآراء التي تتشكل خارجها..

فهناك ترابط وثيق بين ما نتوصل إليه، وبين ما نقتنع بصحته ونؤمن بصوابه .. فحين تفكر بنفسك (وتقلب الأمور برأسك) ستنتهي حتما إلى نتيجة ذاتية تتبناها بإخلاص - وتدافع عنها بشدة مهما بدت ساذجة أو خاطئة لغيرك.. وإصابتك بالعمى حيالها ناجم من وجودك في موقف مزدوج يجعلك بمثابة الخصم والحكم، البائع والمشتري، المشرع والناقد - الطباخ ومن يحكم على الطبخة - وبالتالي يختل لديك ميزان الحكم والنقد السليم !!

وعدم تنبهنا لهذه المفارقة هو سبب استمرارك في ارتكاب الأخطاء وتساؤلك بعد فوات الأوان "كيف كنت غبياً لهذه الدرجة؟" أو "كيف لم أتنبه لهذا الأمر في ذلك الوقت؟" ..

وللخروج من هذه الورطة يجب أن تملك قدرا كبيرا من التواضع الفكري والنقد الذاتي وأهمية الاستماع للآراء المخالفة.. كما يجب أن تنظر لقناعاتك الشخصية كاجتهادات يمكن تعديلها - واحتمالات يمكن تغييرها - دون خجل أو تردد أو دفاع متشنج..

وأمر كهذا لابد أن يحسب لصالحك كون مستوى التعصب للرأي - والقناعة بعصمة الأفكار الذاتية - يخف لدى الانسان كلما ارتفع حظه من العلم والذكاء والتجربة والخبرة .. لهذا السبب تجد الغرور والغطرسة والاعجاب بالرأي منتشرا بين العوام وصغار السن وأنصاف العلماء ، في حين يخف لدى الكبار والعظماء والمتبحرين في العلم والمعرفة ..

قارن مثلاً تمسك من حولك بآرائهم الشخصية - ودفاعهم الشرس عنها - مع رجل بمستوى
الإمام أحمد بن حنبل الذي يقول: (كلامنا رأي فمن جاءنا بخير منه تركنا ماعندنا الى ماعنده) أو أنس بن مالك (كل يُؤخذ منه ويُرد إلا صاحب هذا القبر)
أو الإمام الشافعي (إذا صح الحديث فاضربوا بقولي عرض الحائط)
أو بلال بن سعد (إذا رأيت الرجل معجباً برأيه فقد تمت خسارته)!!

ورغم اعترافي بصعوبة تعديل ونقض آرائك الشخصية ، إلا أن إصرارك عليها قد يصل بك الى مرحلة القناعة بوحدانيتها وعصمتها من الخطأ .. وهذه القناعة هي المسؤولة عن صنع "الطاغية" بمجرد توفر فرصة التسلط وكبح الأصوات المعارضة (فالطغاة يظهرون بمجرد احتكارهم للسلطة في كل مجال / سواء في الحكم والسياسة أو المؤسسة والإدارة) !!

.. وحين تراجع التاريخ تجده متخماً بحوادث حرق الكتب واضطهاد المفكرين ومكافحة الأفكار المغايرة لمجرد حماية رأي وحيد أو تيار صغير يملك سلطة البقاء وكبت الأصوات.. غير أن ممارسة كهذه هي في حقيقتها (قمة الغباء) كونها تخرج من دماغ واحد فقط يتصرف بطريقة "الخصم والحكم، البائع والمشتري، المُشرع وصاحب المصلحة "..

وفي المقابل تصبح (قمة الذكاء) مشاركة الآخرين في أفكارهم وتقبل انتقاداتهم وغربلة آرائهم واختيار الأفضل منها - بصرف النظر عن هوية وموقع صاحبها- !!

... لهذا السبب أعتقد شخصياً أن أعظم ما يدرسه الطلاب في كليات الطب - ليس التشريح أو علم الأمراض أو طرق التشخيص - بل أهمية أخذ "رأي آخر" عند الشك في تشخيص أي مرض.. ولهذا السبب تجد الطبيب (الأمين على مرضاه) لا يتردد في استشارة زميل آخر، ولا يتحرج من الأخذ برأي طبيب أقل سناً وتجربة !!

وأنت بدورك ؛ تذكر دائما أن في جمجمتك دماغا واحدا لا يختلف عن أدمغة الآخرين سوى بهامش بسيط (صعودا أو هبوطا في سلم الذكاء).. والحل الأمثل لتوسيع مداركك ومضاعفة ذكائك (لثلاث وأربع وخمس مرات) هو استشارة الآخرين ومشاركتهم عقولهم ورؤية الحياة من وجهة نظرهم!!

وسواء كنت رئيسا أو مرؤوسا تذكر دائما - ماشرحته في بداية المقال - من أن اقتناعنا بالنتائج (لمجرد توصلنا إليها) من أعظم عيوب التفكير البشري...

... وبكلام آخر ..

... لا تلعب في نفس الوقت دور الخصم والحكم ، البائع والمشتري ، المُشرع والمستفيد.. الطباخ ومن يحكم على جودة الطعام .

فهد عامر الأحمدي
جريدة الرياض

الاثنين، 26 نوفمبر 2012

عشر أشياء تجذب الآخرين إليك


عشــر أشياء تجذب الآخرين إليك

1- الاخلاق

كن خلوقاً تنل ذكراً جميلاً

يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: أكمل المؤمنين أيمانا أحاسنهم أخلاقا الموطؤون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف.. صححه الألباني

…ويقول الشاعر

وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا

*******

2- الاهتمــام

اظهر اهتمامك بالآخرين حتى يظهروا الاهتمام بك

يقول الشاعر

 
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم
فطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ
أحسن إذا ما كان إمكان ومقدرة
فلن يدوم على الإنسان إمكانُ

*******

3- التفاؤل والحماس

قال الرسول عليه الصلاة والسلام: تفاءلوا بالخير تجدوه

وسُئل نابليون بونابرت: كيف استطعت أن تمنح الثقة في أفراد جيشك؟

فقال : كنت أرد بثلاث: من قال: لا أقدر، قلت له: حاول

ومن قال: لا أعرف، قلت له: تعلَم

من قال: مستحيل، قلت له: جرِّب

*******

4- التواضـــع

تواضع لكل الناس

قال الشاعر

تواضع تكن كالنجم لاح لناظر
على صفحات الماء وهو رفيع
ولا تك كالدخان يعلو بنفسه
على طبقات الجو وهو وضيع

*******

5- الحُلــم

لا تغضب أبداً

قال الرسول عليه الصلاة والسلام: ليس الشديد بالصرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)

ويقول الإمام الشافعي رحمه الله

يخاطبني السفيه بكل قبح
فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة فأزيد حلما
كعود زاده الإحراق طيبا
إذا نطق السفيه فلا تجبه
فخير من إجابته السكوت
فإن كلَمته فرَجت عنه
وإن خليته كمداً يموت

*******
 
6- الابتســامة

هناك مقولة إن الإبتسامة سحر حلال

يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: تبسمك في وجه أخيك صدقة

اضحـك للحياة تضحك لك

*******

7- التهـــادي

لا تنس تقديم الهدايا.. رمز الصداقة

وقال الرسول عليه الصلاة والسلام: تهادوا تحابوا

*******

8- الأنـاقــة

اهتم بشكلك ومظهرك

يقول عليه الصلاة والسلام: إن الله جميل يحب الجمال

ويقول الشاعر

إن العيون رمتك إذ فاجأتها
وعليك من مهن الثياب لباسُ
أما الطعام فكل لنفسك ما اشتهت
واجعل لباسك ما اشتهته الناسُ

*******

9- التـحــــدث

أتقن فن الكلام

يقول عليه الصلاة والسلام: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت

ويقول كذلك: الكلمة الطيبة صدقة

وصدق الشاعر الذي قال

وكائن ترى من معجب صامتٍ
زيادته أو نقصه في التكلُمِ
لسان الفتى نصفٌ ونصف فؤاده
فلم يبقَ إلا صورةُ اللحم والدم

ويقول أرسطو: ليست الشجاعة أن تقول كل ما تعتقد، بل الشجاعة أن تعتقد كل ما تقوله

*******

10- الإنصــــات

أتقن فن الاستماع والإصغاء

يقول أبو تمام

من لي بإنسان إذا أغضبته
وجهلتُ كان الحلمُ ردَ جوابه
وإذا صبوت إلى المدام شربت
من أخلاقه، وسكرت من آدابه
وتراه يصغي للحديث بطرفه
وبقلبه، ولعله أدرى به

ذكر عن عطاء بن رباح أحد العلماء أنه قال: ان الشاب ليحدثني حديثاً فاستمع له كأني لم أسمعه وقد سمعته قبل أن يولد

 

الجمعة، 22 يونيو 2012

نحن والنقد و الآخرون


نقدنا الآخرين نقد بناء , ونقد الآخرين إيانا نقد هدّام .
نقدنا الآخرين تلاقح أفكار وتطوير وتكامل , ونقد الآخرين إيانا فتنة ورجوع نحو الوراء .
نقدنا الآخرين من باب " رحم الله من أهدى إليّ عيوبي " , و نقد الآخرين إيانا من باب تتبع عثرات الناس وسيئاتهم .
نقدنا الآخرين يجب أن يكون علانية وبكل الوسائل المتاحة , و نقد الآخرين إيانا يجب أن يكون في سرية تامة.
نقدنا الآخرين ضروري في تصحيح العمل , و نقد الآخرين إيانا تنظير يعيق العمل .
نقدنا الآخرين تعاون و تكاتف , و نقد الآخرين إيانا تفرقة وتشرذم .
نقدنا الآخرين حق , و نقد الآخرين إيانا ظلم .
نقدنا الآخرين دعم , و نقد الآخرين إيانا تسقيط وتشهير.
نقدنا الآخرين إيمان بحرية الرأي والحقيقة , و نقد الآخرين إيانا احتكار للرأي وللحقيقة .
نقدنا الآخرين محاسبة النفس , و نقد الآخرين إيانا جلد الذات .
نقدنا الآخرين شورى , ونقد الآخرين إيانا استبداد .
نقدنا الآخرين مبني على فهم دقيق لهم , و نقد الآخرين إيانا مبني على سوء فهم أو تفاهم .
نقدنا الآخرين مبني على مصادر موثوقة معتمدة , و نقد الآخرين إيانا مبنى على إشاعات واتهامات .
نقدنا الآخرين منصف , و نقد الآخرين إيانا مجحف .
نقدنا الآخرين يحتاج إلى جواب وتفكير , و نقد الآخرين إيانا لا يستحق التفكير .
نقدنا الآخرين موضوعي وواقعي , ونقد الآخرين إيانا جزافي وخيالي .
نقدنا الآخرين نقد , و نقد الآخرين إيانا حقد .

الأربعاء، 20 يونيو 2012

كيف واجه اليابانيون أزمتهم !!


ان أزمة اليابان المتمثلة في تعرضها إلى أعنف زلزال في تاريخها بلغت قوته تسع درجات على مقياس ريختر اللوجاريتمي، والطوفان الهائل الذي تبع الزلزال واكتسحت سواحلها أمواجه التي تجاوز ارتفاعها علو عمائر متعددة الأدوار، ثم تلا ذلك العطل الذي أصاب مفاعلات توليد الطاقة النووية وأدى إلى حدوث تسربات إشعاعية لا يعلم مداها ومقدار أضرارها المستقبلية إلا الله سبحانه وتعالى.

ولقد نتج عن هذه الكوارث وفاة الآلاف من السكان في شمال شرق اليابان وإصابة عشرات الآلاف بجراح وتشرد مئات الآلاف من منازلهم وقراهم، وتضعضع الاقتصاد الياباني الذي كان يمر بمرحلة مهزوزة منذ سنوات.

وبالرغم من كل هذه المصائب فلقد شاهدنا كيف واجه اليابانيون الحدث واستقبلوه بهدوء ورباطة جأش وتكاتف ومنهجية وعزم وتصميم مما حفز صديقي إلى استخلاص عشرة دروس رأى أننا يمكن أن نتعلمها من اليابانيين في أزمتهم .

أول هذه الدروس هو الهدوء حيث عبر اليابانيون عن أحزانهم بهدوء وكرامة ولم يواجهوها بالصراخ أو العويل،

الدرس الثاني هوالاحترام والالتزام، فلقد انتظم الجميع في طوابير طويلة للحصول على احتياجاتهم من المؤونة والوقود ولم تصدر عن أحدهم كلمة نابية أو تصرف أهوج

الدرس الثالث كان حول الكفاءة الفنية فبالرغم من ضراوة الزلزال الذي أصاب اليابان إلا أن معظم المباني العملاقة لم تسقط واكتفت بالتأرجح يمنة ويسرة وجاءت معظم الخسائر في الأبنية الصغيرة القريبة من الشواطئ من الطوفان الذي اجتاحها

أما الدرس الرابع فلقد كان الإيثار حيث كان اليابانيون يكتفون بشراء احتياجاتهم المباشرة من الغذاء ومياه الشرب وكان كل منهم يحرص على أن يتمكن رفاقه وجيرانه من تأمين احتياجاتهم بحيث تكفي تلك المواد

الدرس الخامس كان درساً في النظام حيث التزم الجميع بالنظام في المحلات والأسواق والطرقات بدون تدافع أو زحام

الدرس السادس هو التضحية فلقد استمرت مجموعة من العمال في المفاعل النووي في العمل على مدار الساعة في محاولة لاصلاح ما طرأ فيه من عطل بالرغم من المخاطر الواضحة التي يشكلها ذلك على حياتهم وصحتهم، ولقد رفض هؤلاء العمال أن تطلق عليهم صفة الأبطال وقالوا إنهم لا يؤدون أكثر من واجبهم المهني المفروض عليهم

الدرس السابع هو التراحم فلقد بادرت المحلات والمطاعم إلى تخفيض أسعارها بل إن بعضها كان يقدم الوجبات مجاناً للمحتاجين وحرص القادرون في كل منطقة على تفقد جيرانهم وتأمين احتياجاتهم

الدرس الثامن كان في أهمية التدريب فعندما ضرب الزلزال ضربته كان الكل مدرباً على كيفية التعامل مع الحدث الأمر الذي خفف من أعداد الضحايا التي كان يمكن أن تكون أكبر بكثير

الدرس التاسع كان في كفاءة الإعلام حيث لم يلجأ إلى التهويل ولا إلى التهوين من حجم الكارثة بل كانت التقارير الإعلامية متسمة بالهدوء والموضوعية والصراحة

أما الدرس العاشر ولعله الأهم فلقد كان درساً في الأمانة حيث لم تشهد المناطق المنكوبة أية حالات للسلب والنهب بل إن مرتادي أحد الأسواق التجارية عندما انقطع التيار الكهربائي قاموا بإعادة ما كانوا قد التقطوه من مشتروات وأعادوها بهدوء إلى الرفوف قبل أن ينصرفوا من الموقع.

دروس كل منها يكتب بماء الذهب، وجميعها تمثل مبادئ سامية في ديننا وأخلاقنا، ولا بأس إن ذكرنا بها أصدقاؤنا اليابانيون ولذلك نقول لهم… شكرا لكم.”

الثلاثاء، 19 يونيو 2012

كيف تستطيع تطوير قرائتك و استيعابك لما تقرأ ؟


القراء مهما كان مستواهم في القراءة, يتعلمون أموراً جديدة باستمرار, و أحياناً حتى القراء المتمرسون يواجهون نصوصاً صعبة تتحدى مقدرتهم على الفهم و الاستيعاب. يمكنك بوضع استراتيجية لزيادة قدرتك على الفهم أن تقرأ بشكل أكثر فاعلية و تأثيراً, مع شعور أقل بالارتباك أثناء قراءة النصوص الصعبة. هناك العديد من الأمور التي يمكن أن تساعدك على تطوير استيعابك مهما كان مستواك في القراءة, رغم أن القراء المبتدئين يفضل أن يبدأوا ببناء قاعدة من المفردات و تعلم المزيد عن القواعد و بناء الجمل لأن ذلك يساعدهم على رفع مستواهم في القراءة و الاستيعاب.

أولى الاستراتيجيات لرفع مستوى الاستيعاب أثناء القراءة هي قراءة أنواع مختلفة من الكتب التي تغطي مجالاً واسعاً من المواضيع. القراء الذين يقرأو دوماُ نوعاً محدداً من الكتب غالباً ما يواجهون مشاكل عند قرائتهم كتاباً خارج ذلك النمط كالقراء الذين يقرأون في الخيال العلمي باستمرار. في هذه المثال يمكنك أن تقرأ الكتب العليمة لبناء خلفية عليمة و استعياب الأفكار التي تقف وراء كتابات الخيال العلمي, و من ثم يمكنك مثلاً الانتقال لقراءة كتب في علم النفس, التاريخ, أو مواضيع تراها مشوقة لك. تابع الأخبار العلمية في الأخبار, بحيث تبقى على اطلاع على آخر المستجدات و تصبح على دراية جيدة بهذه الأمور. حاول أن تتحدى نفسك بقراءة نموذج مختلف من الكتابات حول موضوع جديد كل يوم, مهما كانت المقالة صغيرة.

أثناء قرائتك تلك حاول أخذ الملاحظات. توقف لاستخراج معاني الكلمات التي لا تعرفها و اكتب معانيها, و استعمل تلك الكلمات في جمل مستخرجة من القاموس. أثناء تقدمك في النص دون ملاحظات حول ما يحاول الكاتب طرحه من مواضيع, كيف يرتب أفكاره, و الأفكار التي تشد أنتباهك. توقف بعد فترة لترى ماذا قرأت حتى الآن و تتأكد من أنك تستوعب ما قرأت بشكل جيد, و لا تتردد في قراءة الفقرات التي تراها صعبة بصوت عالٍ, أو أن تعيد قرائتهم عدة مرات لرفع استيعابك للنص. حتى القراء المتمرسون يمكن أن يمروا على فكرة حاسمة دون أن يلاحظوها لأنهم في سباق مع النص أكثر من محاولتهم استيعاب ما يقرأون.

كما يمكنك استخدام الحواشي التي يتركها الكاتب لرفع استيعابك للنص. كما أن استيعابك لأسلوب الكاتب في الكتابة و تعودك عليه يمكن من أن يجعلك جاهزاً للنقاط الحاسمة التي سيطرحها الكاتب لاحقاً.

و بشكل قاطع, فإن أفضل وسيلة لتطوير قرائتك و استيعابك لما تقرأً هو أن تقرأ باستمرار و تقرأ أكثر. خصص وقتاً للقراءة و لا تفوت يوماً أبداً لأن من شأن ذلك أن ينمي من قدرتك على القراءة الفعالة, و إن كنت تعيش مع زملاء لك حاولوا أن تقرأوا في نفس الموضوع بحيث يمكنك لاحقاً من مناقشة و مقارنة ما قرأتم في هذا المحتوى. ذلك يزيد بشكل كبير من الاستيعاب لهذا الموضوع.

بقرائتك المزيد و المزيد, سوف تعرض نفسك لأنماط مختلفة من أساليب الكتابة و المواضيع المهمة, موسعاً آفاقكك في نفس الوقت الذي ترفع فيه استيعابك و فهمك لما تقرأ.

الاثنين، 18 يونيو 2012

فن التهوين


تعلم كيف تنسى ما مضى من الآلآم , لا تقبل أن تكون آلة حزن وتنديد , أنا شخصيا كنت شديد الحساسية , ربما تألمت يومين لحادثة احرجتني أمام الناس , كما كنت شديد الحرج كذلك من كل صغيرة وكبيرة , الامر الذي أوقعني في كثير من المشاعر السلبية , أن التهوين يقضي على مشاعرنا السلبية تجاه الماضي , ما منا من أحد الا وله ذكريات حادة وحرجة ومؤلمة , لكنها هي التي تصنع الابطال , تذكر أن الذين ينعمون بالرخاء , ويتربون في القصور , ويأكلون ما يشتهون , ويلبسون ما يريدون , ويمرحون ويسرحون , هؤلاء لا معنى لحياتهم,ولذلك فإن القادة الذين نشؤا بين المحن ومن وسط الشعب هم الذين يقودون الاجيال , ويصنعون الرجال , ويحققون الآمال , ويفعلون المحال , اليابان , ألمانيا وغيرها , دول خاضت المعارك العالمية وتحطمت ثم قادت, لان قادتهم كانوا ممن ذاقوا المحن , وأرادوا صنع الحياة وتحقيق الانتصار , وهذا مثلنا في الخلفاء الراشدين والائمة المجددين , بل هذا السبب الذي جعل جيل الصحابة فريدا .

تعلم أن تهون كي تعيش , إبدأ من الآن , اغلق باب التنديد والمسكنة , نحن نعيش اليوم وليس الامس , إن ما مر بك مر بكل إنسان لكن بألوان مختلفة , لقد عاش نابليون في قمة الجاه والسلطة والشهرة , لكنه قال في سانت هيلينا : ( لم اعرف ستة أيام سعيدة في حياتي ) , بينما عبرت هيلين كيلر العمياء الصماء البكماء : ( أجد الحياة جميلة جدا ) , تعلم كيف تعيش سعيدا بقلب ماضيك الى تجارب صاغتك كما يصاغ الذهب و قلب حاضرك ميدانا للتحدي , وقلب مستقبلك أملا بريقا ونورا ساطعا .

تمر علينا عشرات بل مئات الحوادث والامور كل يوم , لو أننا اتخذنا موقفا من كل حادثة فسوف يقتلنا القلق , وتتآكل أعصابنا , شد يهودي على رسول الله (ص) وقال : ( يا محمد ! اقض ديني , فإني أراكم مطل يا بني هاشم ) , اولا : اساء الى رجل محفوف بمحبيه وفاديه , وثانيا : تعدت يده عليه , وثالثا : ناداه بأسمه مجردا وليس بينهما سابق صحبة , ورابعا : طعن فيه بل وفي جميع اهله , فما زاد النبي (ص) على ظان ابتسم وأمر بدينه ليدفع له , والقصة مشهورة حيث أسلم اليهودي بعدها , وقد أراد أن يختبر صفة الحلم المذكورة فيه في التوراة ,

تذكر أن النقد يأتي على قدر المنتقد , إنه اعتراف بقدرك ومكانتك , قل لنفسك : هذ لأهميتي .

الناس ليسوا جميعا متفهمين , ومتعلمين , ومؤدبين , ففيهم الشئ كذلك , ونحن نقبله في مجتمعنا , سل نفسك : هل أنت أفضل من النبي (ص) ؟ تعال انظر نفسك وأنت تغضب اذا ذكرك أحد بسوأ أو بغلطة , بل ربما كان هذا الأحد زوجك أو صديقك,أو ربما أباك أو أمك.
وأنت لا تطيق ذلك !

تفكرت في السبب الذي يجعل القرآن الكريم بدون حادثة الشجار التي حصلت في بيت رسول الله (ص) بينه وبين زوجاته .

فعلمت أن ذلك تربية لنا لكي نعرف أن الرسول (ص) كان يتعرض احيانا لمثل هذه المواقف ويصبر بل ويغفر فمن باب أولى أن نفعل نحن ذلك .

اذا تعرضت لحادثة , خاصة اذا كانت لا تستحق كأن يغمزك أحد أو يشتمك , أو يتهمك أو ما شابه ذك , فلا تلق له بالا , لا تعره أهمية , في كثير من الاحيان يريد الشخص السئ أن يجذب الانتباه بصياحه , لا تستجب لمطلبه.

تعلم كيف تتجاوز صغائر الامور,فأنت أكبر من ذلك, يخبرني صديقي الحميم الاستاذ الكاتب جاسم المطوع القاضي في محكمة الاحوال الشخصية أن معظم حالات الطلاق أسبابها تافهة للغاية.

هناك طرق عديدة في علم البرمجة اللغوية العصبية لنسيان أو تهوين الماضي , لكنني ضد مسألة نسيان الماضي ومع تهوينه.

د . صلاح الراشد

الأحد، 17 يونيو 2012

المفاتيح والأبواب والأهداف


لكل باب في الحياة مفتاح ، ولكل مفتاح شكله المميز يختلف عن بقية المفاتيح، تساهم بعض المعايير التي وضعت في المفتاح في سرعة فتح الأبواب، فالمفتاح الصحيح بداية الوصول، والغاية من أي مفتاح الوصول إلى الهدف من الباب الذي يوصلك إلى المراد، فالأبواب لم تُقفل إلا بالمفاتيح، ولن تُفتح إلا بالمفاتيح، تُقفل لهدف، وتُفتح لهدف، فعندما تكون الأبواب مفتوحة تكون البيوت عرضة للسرقة والنهب، فتفتح في بعض الأوقات على حسب الحاجة، وتغلق أكثر الأوقات لأهداف وغايات، منها حفظ الأعراض والأموال والأنفس. ففي المثل المنغولي:» بعد إقفال الباب يصبح كل إنسان إمبراطوراًفي مملكته.

مفتاح هدفك أمامك

أهمية المفاتيح ليست في كثرتها، فمفتاح واحد أفضل من ملايين المفاتيح إذا تَصَدّر في فتح الباب، وهناك بعض المفاتيح تقدر بالملايين فتحفظ وتوضع في أماكن آمنة وصناديق مقفلة لأهميتها ودورها في حفظ الأشياء الثمينة، قال تعالى: وَآتَيْنَاهُ مِنْ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّة.ِ القصص 76

قال ابن عباس (رضي الله عنهما): إن مفاتيح خزائنه كان حملها أربعون رجلاً من الأقوياء.

ولكن ما أكثر المفاتيح التي ترمى في سلة المهملات، لأنها فقدت دورها ووظيفتها، وما أكثر المفاتيح التي توضع في الخزانات بلا هدف ولا غاية، وإذا أردت أن تتأكد من ذلك فسوف تجد المفتاح الصحيح غالباً ما يختفي من بين المفاتيح القديمة أو المفاتيح التي أكل عليها الدهر.

يقول جيمس وايتكومب:» المفتاح الأخير في حلقة المفاتيح هو في الغالب الذي يفتح الباب.

قانون التحدي:

في حياتنا قوانين ويتصدر قانون التحدي بعبارة رائعة: مهما كانت الأبواب مقفلة، فهناك من يتفنن في فتحها.

قانون الإصرار:

قد يكون لديك في بعض الأوقات مجموعة من المفاتيح لفتح بابٍ مقفل، فتحاول فتحه بالتجربة والإصرار وتكرار المحاولة تِلْو المحاولة، فإذا لم تجد المفتاح الصحيح، بدأت تفكرفي حلول أخرى تمكنك من فتح الباب، إنه مشهد متكرر، ولكن لماذا لا نطبقه في واقع حياتنا، فأبواب النجاح كما نعلم لا تفتح إلا بعزيمة ومحاولة وإصرار.

ولاتتحسر أبداً من باب مقفل، فهناك أكثر من باب قد يوصلك إلى الهدف، ولا تكن كالذي تحسّر بألم بعد ما شعر بعجزٍ من عدم قدرته في فتح الباب، بل كن كغيره، مسح دموع العجز، وبدأ بعزيمة متجددة باحثاً عن المفاتيح الصحيحة، وما أكثرها لمن بحث عنها، فالبحث عن مفتاح يفتح الباب، أو التفكر في كيفية فتح الباب أفضل ألف مرة من دموع اليائسين، وبكاء العاجزين.

قانون الإنجاز:

لو جلست مكانك تتمنى فتح الباب، فسيبقى الباب مقفلاً إلى الأبد، إلا إذا قمت من مكانك، وأمسكت بمقبض الباب، وحركته إلى الأسفل، ثم سحبته في اتجاهك، ولا تنسى أن هناك قانوناً لـ»فتح الباب» وهو اختيار المفتاح الصحيح ، واستعماله بطريقة صحيحة، أي تحريك المفتاح بعد ما أدخلته في ثقب الباب باتجاه عقارب الساعة، وتأكد أن المفتاح الصحيح لا يفتح الباب إلا بالمبادرة والإقدام، وأعلم بأن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة، ولكن هناك من يعيش سنوات متوالية في سجن الهموم والأحزان وبين يده مفاتيح صحيحة لثلاثة أبواب مقفلة، اعتقد بأن المفاتيح كلها لاتفتح الأبواب.

السبت، 16 يونيو 2012

لا شيء يتغير بل نحن الذين نتغير




أحد مديري الإنشاءات ذهب الى موقع البناء وشاهد ثلاثة عمال يكسرون حجارة صلبة

الأول: ماذا تفعل؟
فقال: أكسر الحجارة كما طلب رئيسي

ثم سأل الثاني نفس السؤال
فقال: أقص الحجارة بأشكال جميلة ومتناسقة

ثم سأل الثالث
فقال: ألا ترى بنفسك، أنا أبني ناطحة سحاب.

فرغم أن الثلاثة كانوا يؤدون نفس العمل إلا أن الأول رأى نفسه عبدا، والثاني فنانا، والثالث صاحب طموح وريادة ...

(ومغزى القصة أن عباراتنا تصنع إنجازاتنا، ونظرتنا لأنفسنا تحدد طريقنا في الحياة)


الجمعة، 15 يونيو 2012

دروس من كل الجنسيات !


الدرس الأول:

(بريطاني)

دخل رجلٌ إلى حوض الاستحمام في الوقت الذي دخلته زوجته
رن جرس الباب فسارعت الزوجة بالخروج لتغطية جسدها بمنشفة وهبوط السلالم.
كان الطارق هو جارهم الذي ما أن رأى الزوجة حتى قال:
- سأمنحكِ 800 دولار لو نزعتِ عنكِ هذه المنشفة!
فكرت الزوجة للحظة،ثم خلعت المنشفة.
تأملها الجار قليلاً ثم نقدها 800 دولار.
بعد ذهابه،صعدت الزوجة إلى الطابق الأعلى فبادرها زوجها بالسؤال:
- من كان الطارق؟
- إنه جارنا بوب.
- هل ذكر لكِ شيئًا عن الـ 800 دولار التي استدانها مني؟

العبرة من القصة

حرصك على تزويد شركائك .. بأرقام الإيرادات والمدفوعات،قد يقيك مغبة (الانكشاف) أمام المنافسين.


الدرس الثاني

(امريكي)

عرض قسٌ على راهبة أن يصطحبها بسيارته من الدير الذي يقطنان فيه إلى الكنيسة.
وماإن انطلقت المركبة بهما حتى وضع القس يده على ساق الراهبة التي بادرته:
- يا أبونا! هل تتذكر المرسوم 129؟
أعاد القس يده إلى عجلة القيادة.ولكنه سرعان ما وضعها على ساق الراهبة مجددًا.
- يا أبونا! أُذكِّرك بالمرسوم 129!
- المعذرة .. المعذرة.لن أعيدها ثانيةً.
كم هي خطّاءةٌ هذه النفس البشرية؟؟
وصلا إلى الكنيسة.
رمقت الراهبة القس بنظرة مؤنبة وأطلقت تنهيدةً آسفةً ثم نزلت.
دلف القس إلى الكنيسة وفتح الكتاب المقدس فوجد في المرسوم 129:
“واصل السعي..حقق ما تصبو إليه.،، ابلغ منتهاه .. ستنال المجد.”

العبرة من القصة:

إن عدم إحاطتك بتفاصيل عملك من شأنه أن يُفوّت عليك فرصًا ذهبية.


الدرس الثالث

(عربي)

حانت ساعة الغداء في المتجر فذهب البائع والمحاسب والمدير لتناول الطعام.
في طريقهم إلى المطعم مروا ببائع خردوات على الرصيف فاشتروا منه مصباحًا عتيقًا ..
أثناء تقليبهم للمصباح،تصاعد الدخان من الفوهة ليتشكل ماردٌ هتف بهم بصوتٍ كالرعد:
- لكلٍ منكم أمنيةٌ واحدة..ولكم مني تحقيقها لكم.
سارع البائع بالهتاف:
- أنا أولاً! أريد أن أجد نفسي أقود زروقًا سريعًا في جزر البهاما والهواء يداعب وجهي.
أومأ المارد بيده فتلاشى البائع في غمضة عين.
عندها.. قفز المحاسب صارخًا:
- أنا بعده أرجوك! أريد أن أجد نفسي تحت أنامل مدلكةٍ سمراء في جزيرة هاواي.
لوّح المارد بذراعه فاختفى المحاسب من المكان.
وهنا حان دور مديرهم الذي قال ببرود:
- أريد أن أجد نفسي في المتجر بين البائع والمحاسب بعد انقضاء استراحة الغداء.


العبرة من القصة

اجعل مديرك أول المتكلمين .. حتى تعرف اتجاه الحديث.


الدرس الرابع

(فرنسي)

رأى أرنبٌ صغير نسرًا مسترخٍ في كسل على غصن شجرةٍ باسقة.
قال الأرنب للنسر:
- هل استطيع أن أفعل مثلك وأجلس باسترخاء دون عمل؟
- بالطبع يا عزيزي الأرنب.
استلقى الأرنب على الأرض وأغمض عينيه في خمول ناسيًا الدنيا وما فيها.
مر ثعلبٌ في المكان..وما إن شاهد الأرنب متمددًا حتى قفز عليه والتهمه.

العبرة من القصة

لايمكنك الجلوس دون عمل ما لم تكن من الناس اللي فوق!


الدرس الخامس

(ايطالي)

كانت البطة تتحدث مع الثور فقالت له:- ليتني استطيع بلوغ أعلى هذه الصخرة.
- أجاب الثـور: ولم لا ؟ يمكنني أن أضع لكِ بعض الروث حتى تساعدك على الصعود.
وهكذا كان..
في اليوم الأول..سكب الثور روثه بجوار الصخرة فتمكنت البطة من بلوغ ثلثها.
في اليوم الثاني..حثا الثور روثه في نفس المكان فاستطاعت البطة الوصول لثلثي الصخرة.
وفي اليوم الثالث.. كانت كومة الروث قد حاذت قمة الصخرة.
سارعت البطة للصعود،وما أن وضعت قدمها على قمة الصخرة حتى شاهدها صيادٌ فأرداها.


العبرة من القصة

يمكن للقذارة أن تصعد بك إلى الأعلى..ولكنها لن تبقيك طويلاً هناك.


الدرس السادس

(روسي)


هبت رياح ثلجية على بلبلٍ صغير أثناء طيرانه فهوى على الأرض متجمدًا.
رآه حمارٌ عطوف فأهال عليه شيئًا من التراب ليدفئه.
شعر العصفور بالدفء فطفق يغرّد في استمتاع.
جذب الصوت ذئبًا فبال على التراب ليطرّيه حتى يتمكن من الظفر بالبلبل.وبعد أن استحال التراب وحلاً ..
انتشل الذئب البلبل وأكله.

العبرة من القصة

1) ليس كل من يحثو التراب في وجهك عدوًا.!

2) ليس كل من ينتشلك من الوحل صديقًا .

3) حينما تكون غارقًا في الوحل .. فمن الأفضل أن تبقي فمك مغلقًا ..!!

الخميس، 14 يونيو 2012

ضع الكأس .. و ارتح قليلاً


في يوم من الأيام كان محاضر يلقي محاضرة عن التحكم بضغوط وأعباء الحياة لطلابه فرفع كأساً من الماء وسأل المستمعين :
ما هو في اعتقادكم وزن هذا الكأس من الماء ؟

وتراوحت الإجابات بين 50 جم إلى 500 جم

فأجاب المحاضر : لا يهم الوزن المطلق لهذا الكأس ,, فالوزن هنا يعتمد على المدة التي أظل ممسكاً فيها هذا الكأس

فلو رفعته لمدة دقيقة لن يحدث شيء
ولو حملته لمدة ساعة فسأشعر بألم في يدي

ولكن لو حملته لمدة يوم فستستدعون سيارة إسعاف ..

الكأس له نفس الوزن تماماً، ولكن كلما طالت مدة حملي له كلما زاد وزنه …

فلو حملنا مشاكلنا وأعباء حياتنا في جميع الأوقات فسيأتي الوقت الذي لن نستطيع فيه المواصلة .. فالأعباء سيتزايد ثقلها …

فما يجب علينا فعله هو أن نضع الكأس ونرتاح قليلا قبل أن نرفعه مرة أخرى

يجي علينا أن نضع أعباءنا بين الحين والآخر لنتمكن من إعادة النشاط ومواصلة حملها مرة أخرى

فعندما تعود من العمل يجب أن تضع أعباء ومشاكل العمل ولا تأخذها معك إلى البيت لأنها ستكون بانتظارك غداً وتستطيع حملها …

الأربعاء، 13 يونيو 2012

أنا و الكهل الأمريكي



وضعت أمتعتي في غرفة الفندق الأوروبي و ارتديت ملابسي الرياضية ثم توجهت إلى النادي الصحي لأجري بعض التمارين. كان بجانبي نزيل أمريكي يكبرني بالسن بل كان عجوزاً بالنسبة لي .

تجاذبنا بعض الأحاديث ووجدنا العديد من الاهتمامات المشتركة فكان الحوار ممتعاً .

كنت أصادفه أحيانا خلال دخولي أو خروجي من الفندق فأرى منه ابتسامة ذات مغزى
لكني لم أعلم ماذا يقصد بها؟

في آخر يوم لي وأنا أنهي إجراءات المغادرة لمحته يجلس في صالة الفندق ويشير إلي اتجهت إليه فدعاني إلى شرب كوب من الشاي ، وكان لدي متسع من الوقت فلبيت طلبه وبادرته : ما سر الابتسامة التي تواجهني بها كلما تلاقينا؟

تبسم وقال: إنني كلما رأيتك تذكرت نفسي حينما كنت شاباً ، فقد أمضيت أجمل وأغلى سنوات عمري في تنمية أعمالي التجارية كما تفعل أنت الآن ، وبعد أن كبرت وانتهيت إلى ماترى وجدت أنني فقدت الكثير مما لا يمكن تعويضه وخرجت بدرس ثمين يمكنك أن تسميه (حكمة الشايب) .

قبل أن أنصرف دعاني لمرافقته في رحلة بحرية في الغد فاعتذرت لارتباطي بمواعيد العمل التي جئت من أجلها. اقترح علي أن نتناول العشاء سوياً في مطعم متميز لكنني كنت مرتبطاً كذلك بعشاء عمل لاستغل الأيام الثلاثة التي سأمضيها في إنهاء كافة أعمالي .

كان الأمر مشوقا لي فبادرته قائلاً : وما هذه الحكمة؟

فأجاب: إن الرجل يمر في حياته بثلاث مراحل ويحتاج إلى أن يملك ثلاثة أشياء .

ففي الشباب يكون لديك الوقت لقلة انشغالك ولديك النشاط والقوة لتستمتع ولكن ليس لديك المال الكافي لتسافر وتشتري السيارة والمنزل الذي تتمناه و ترفه عن نفسك بعيش رغيد.

ثم إنك تنتقل إلى مرحلة الرجولة فتزاول العمل والتجارة وتبدأ بجمع المال لتؤمن مستقبلاً أفضل لك ولأسرتك ، حينها يكون لديك المال ولديك النشاط والقوة ولكن ليس لديك الوقت لتستمتع وترفه عن نفسك وأسرتك فأنت مشغول بأعمالك وسفرياتك وتجد أنك تضحي بأشياء كثيرة من أجل (ضمان المستقبل) .

وفي المرحلة الثالثة حين تكبر سنك تكون قد جمعت المال الذي تريد ولديك الوقت لتستمتع به وتحقق ما كنت تحلم به ولكن ………… ستجد أنك قد فقدت الصحة والنشاط الذي كنت تتمتع بهما أيام الشباب ، فلم يعد لديك الجهد للسفر ولا تجد نفس المتعة في شراء سيارة فخمة أو منزل كبير !
‏وتبحث عن أبنائك وبناتك لتستمتع معهم في رحلات وجلسات وزيارات فتجدهم قد كبروا ولم يعد يهمهم أن يشاركوك في مثل هذه الأنشطة فقد صار لكل منهم اهتماماته وعالمه ! بل وقد لا تجد زملاء تلتقي بهم لأنك قد قطعتهم حين إنشغلت بأعمالك التجارية .

ستجد أن هذا المال لن يعيد لك تلك الأيام التي كان أبناؤك يتمنون أن تمضي معهم ولو ساعة واحدة أو أن تذهب بهم إلى رحلة أو سفر إلى بلد قريب !

ستجد أن المال لن يعيد لك صحتك
بعد أن داهمك الضغط والسكري فلم تعد ذاك اليافع القوي !!

لذلك فقد استنتجت من تجربتي في الحياة ، وهو ما أوصيك به يا بني، أن بضعة آلاف من الريالات وأنت في شبابك تستمتع بها مع أبنائك وزوجك وتقنع بما لديك خير لك من مئات الآلاف بل والملايين حينما تكون كهلاَ مثلي!

الثلاثاء، 12 يونيو 2012

قبل أن تقوم بالرد أو الحكم على شخص



قبل أن تقوم بالرد أو الحكم على شخص من تصرف أو ما شابه ذلك، عليك أن تعطي فرصة للمقابل، لكي تعرف ما الحكمة من تصرفه، لكي لا تندم على ما تفعل.
اقرأ هذه القصة واعتبر منها :
سأل المعلم تلميذه : ماذا يعمل والدك؟..
صمتّ التلميذ ولم يجب.
فسأله المعلم مرة أخرى : ماذا يعمل والدك؟..
فاكتفى التلميذ بالصمت ولم يجب!.
صرخ المعلم في وجهه أمام التلاميذ، وقال : يا غبي ألا تعرف ماذا يعمل والدك؟!..
رفع التلميذ رأسه وقال : بلى! إنه نائم في قبره.

* نحن أحيانا نتسرع في كلماتنا ونجرح من أمامنا.. فلا تنطق بالكلام إلا بعد أن تفكر!.

وإليك هذه القصة الثانية :
بينما كان الأب يقوم بتلميع سيارته الجديدة، إذا بالابن ذو الست سنوات، يلتقط حجراً ويقوم بعمل خدوش على جانب السيارة!..
وفي قمة غضبه، إذا بالأب يأخذ بيد ابنه ويضربه عليها عدة مرات، بدون أن يشعر أنه كان يستخدم مفتاح انجليزي (مفك يستخدمه عادة السباكين في فك وربط المواسير) مما أدى إلى بتر أصابع الابن.
في المستشفى، كان الابن يسأل الأب : متى سوف تنمو أصابعي، وكان الأب في غاية الألم.
عاد الأب إلى السيارة وبدأ يركلها عدة مرات، وعند جلوسه على الأرض، نظر إلى الخدوش التي أحدثها الابن، فوجده قد كتب : أنا أحبك يا أبي!.

* الحب والغضب ليس لهما حدود!.. أعط لنفسك فرصة أن تهدأ قبل أن تتخذ قرارا، قد تندم عليه مدى الحياة!.

الاثنين، 11 يونيو 2012

ما تخشاه افعله



كان حادثا عنيفا ذلك الذي تعرضت له بسيارتي أثناء ذهابي إلى مدينة الإسكندرية ، لكنني خرجت سالما ، شاكرا لله كريم تدبيره ولطف قضائه ، وبطبيعة الحال ظلت السيارة أيامً في ورشة التصليح كنت خلالها أتنقل في سيارات الأجرة ، واستمر هذا الحال ما يقارب الشهر.

وعندما استلمت السيارة وجلست على عجلة القيادة وقدتها لكيلومترات بسيطة إلا وأحسست بالخوف والرهبة والارتباك ! .
و تدافعت إلى ذهني فجأة ذكريات الحادث السيئة بأدق تفاصيله ! .
فتوقفت على جانب الطريق ، حازما أمري للعودة إلى البيت وإلغاء الموعد ، والذي كان مقدرا له مع الدكتور إبراهيم الفقي ، لكنني فكرت هنيهة

وقلت لنفسي : تالله لو عدت الآن فلن أستطيع القيادة مرة أخرى ، فلأستعن بالله ولأطرد مخاوفي ، ولأنتبه جيدا .
وانطلقت بسيارتي مرتعد الأوصال ، فكانت أضواء السيارات التي تنعكس على مرايا سيارتي كأنها أشباح تطاردني بإصرار ، لكنني وبعد فترة عاد إلي هدوئي وثباتي ، وأطلقت للسيارة العنان مختالا بصمودي في وجه مخاوفي ، ولله الحمد على ذلك .

وعندما حكيت هذا الأمر للدكتور إبراهيم ، قال لي : جميل أن لا تدع مخاوفك تتغلب عليك ، إذا خشيت شيئا فتسلح بالمعرفة واهجم عليه ،

ذكرني كلام الدكتور الفقي بقول الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام : ( إذا هبت أمراً ، فقع فيه فإن شدة توقيه أعظم مما تخاف منه ) ،

فآثار أقدام الدب ـ كما يقول المثل الانجليزي ـ أكثر إفزاعاً من الدب نفسه .

إن الخوف أشد ضراوة وتأثيرا من الموت ، إن الموت يأتي مرة واحدة فيضع كلمة الختام لحياتنا ، أما الخوف فيقتلنا مرات ومرات ، يمزق أفئدتنا بوحشية وقسوة ، ويظل يطاردنا دائما ، ونحن واقعين في أسره لا حول لنا ولا قوة ، نراقب الآخرين في حسرة ونحسدهم على ثبات الجنان والطمأنينة التي ينعمون بها .

وفي مدرسة علم النفس ينصح المختصون من يعاني من الخوف بمصارحة النفس ومواجهة بواعث الخوف ، بأن يعري المرء نفسه بلا حرج ، ويضع يده على مكامن الداء ويبدأ بمواجهة غول مخاوفه ورهبته .

نعم هناك حالات يكون فيها الخوف مرضي ، والحالة تحتاج إلى مساعدة مختص ، وإشراف نفسي ، لكن بالنسبة للغالب الأعم من البشر فيمكنني القول أن تمتعهم بالشجاعة يتأتى من خلال المواجهة ومصارحة النفس ، والتسلح بالمعرفة والإرادة .

فلا تستسلم لخوفك يا صديقي وهاجم ترددك ورهبتك ، استشر أصحاب الخبرة والمعرفة إذا ما عراك حادث أخذ من روحك مأخذا ، وكن مع الله دائما .. ولا تبالي .

من كتاب أفكار صغيره لحياه كبيره كريم الشاذلي

إشراقة : افعل أكثر شيء تخشاه وتخافه، وسيموت الخوف داخلك. مارك توين. اذا اردنا ان ننتشل الامة من الواقع المأساوي الذي تعيش فيه … لابد من تغيير انفسنا وتغيير النفس لايتم الا عندما نغير من اسلوب تفكيرنا … لان الفكر هو الذي يصنع سلوك الانسان ويشكل ثقافته … وما كانت عظمة الانيباء والمصلحين الا لعظمة افكارهم … التي انارت للانسانية سبل الهداية والحضارة ….

فن التلاعب بالعقول


يحكى أنّ أحد الأشخاص زار الفيلسوف الكبير" سقراط "، وبعد التحية والسلام قال له: "عزيزي سقراط، هل سمعت ما يقولون عن صديقك ".

"لا"، أجابه سقراط وعلامات الدهشة مرتسمة على وجهه، ولكن قبل أن تقص علّيّ خبرك، قل لي: هل مرّرت قصة صديقي عبر المصافي الثلاثة.

"مصـــافي " أيّ "مصـــافي"، أجابه الضيف بدهشة !!!

-نعم ، قبل أن يحكي الإنسان أي شيء عن شخص آخر لا بد من تصفيته ثلاث مرات.

المصفاة الأولى:هي مصفاة الحقيقة، فهل تحققت من أن ما تريد إخباري به هو الحقيقة؟.
-لا ، ليس بالضبط، لم أرى الشيء بنفسي، سمعته فقط.

-حسناً، أنت لا تعرف إذن إن كانت الحقيقة، فلننظر الآن المصفاة الثانية، مصفاة الخير، هل ما تريد أن تخبرني به عن صديقي خير؟.
-آه ، لا ، بل على العكس سمعت أنهم يقولون عن صديقك أنه أساء التصرف.

- فيتابع سقراط: -إذن تريد أن تحكي لي أشياء شريرة عنه وأنت لا تعرف إذا كانت حقيقية أم لا، هذا لا يبشر بالخير، ولكنك تستطيع أن تكمل الاختبار، ولا يزال أمامك.

المصفاة الثالثة، مصفاة الفائدة، هل من المفيد أن تخبرني بما فعل صديقي؟.
-مفيد ؟! لا، في الحقيقة لا أعتقد أنه مفيد.
فيعلق سقراط: -إن ما ستقوله عن صديقي ليس حقيقة ولا خيراً ولا فائدة فيه، فلم تريد إذاً أن أسمع منك ؟ من الأفضل أن تنسى كل هذا".

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال »: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت«ففي هذا الحديث المتفق على صحته نص صريح في أنّه لا ينبغي أن يتكلم الشخص إلاّ إذا كان الكلام خيرا، وهو الذي ظهرت له مصلحته، ومتى شك في ظهور المصلحة فلا يتكلم.

أن الكثير منّا لديه حب الاستطلاع، ولذا ترى البعض يسعى دائماً لملء رغباته بالاستماع لأي شيء عن الآخرين، و في كل يوم تغرقنا وسائل الإعلام المختلفة و المتنوعة بسيل عارم من الإشاعات و الأخبار و الدعايات، ترى ماذا لو طبقنا مبدئ المصافي الثلاث فكم ستبقى لدينا من خبر صحيح و جيد و مفيد، طبعا ليس الشيء الكثير.

كيف يستطيع الإنسان البسيط و المواطن المقهور أصلا التمييز بين الخبر و الدعاية و الإشاعة و التفريق بين الخبر الجيد و السيئ و الخبر التافه المغلف بشيء من الأهمية
و كيف يمكنه الصمود وسط بنية اجتماعية ساكنة هاجسها الأساسي هو ملء البطون والجنس والثرثرة في أحاديث فارغة واجتراره لقتل الوقت في متابعة القنوات الإعلامية أو قراءة المقالات ذات البعد الواحد في الرؤى والهدف في تحويل الإنسان إلى كائن سلبي لا أمل فيه أو إلى سلعة استهلاكية وحيث يكون التضليل الإعلامي هو الأداة الأساسية للهيمنة الاجتماعية.


فليس كل ما تراه عينك فهو الحقيقة، و ليس كل ما تسمعه أو تسمع به هو الصدق، بل إن أكثر مشاهداتنا تكون مشوبة غير واضحة، أوليس البصر يزيغ والآذان تشتبه؟ كما يقول الإمام علي رضي الله عنه . أوليس الظن هو سيد المواقف في حياتنا؟

يقول الخبير الفرنسي كريستيان كود فروي" كلما واتتني الفرصة كي أشاهد برنامجا أو اقرأ مقالا أكون على دراية كاملة و مسبقة بمضمونه، أصدم برؤية كم زيفت الحقيقة، فكل أساليب التضليل و الدعاية بكل أنواعها و التعتيم الإعلامي التي كان يستعملها هتلر في زمانه أجدها قد وضفت بعناية في المقال أو البرنامج.

و لعل اخطر شيء في مجال التعتيم الإعلامي هو أن تتحول الوسائل الإعلامية العمومية ذات الجماهيرية الواسعة إلى محطات دعائية هدفها تغليب مصالح النخب و تطويع الجماهير و خلق مواطن سلبي غير قادر على الفعل و المبادرة.

يعرف الدكتور فيليب تايلور في كتابه الممتاز "قصف العقول" الدعاية على أنها المحاولة »العامدة « لإقناع الناس بكل الوسائل المتاحة بأن يفكروا ويسلكوا بأسلوب يرغبه المصدر.

إنها وسيلة من أجل تحقيق غاية مرسومة. وتتنوع الأساليب ا لمستخدمة تبعا للتكنولوجيات المتاحة. ولا يهمنا إن كان السلوك المطلوب ينتج عن الجهد المبذول أو لا فذلك هو الفرق بين الدعاية الناجحة والدعاية الفاشلة، فالنجاح ينبغي أن يحسب قياسا إلى النوايا.

يقول الأستاذ هربرت أ شيللر في كتابه " المتلاعبون بالعقول" عندما تُكرَّس وسائل الإعلام شكلا ومضمونا للتضليل، وعندما يجري استخدامها بنجاح وهو ما يحدث دائما فإن النتيجة تتمثل في السلبية الفردية أي حالة القصور الذاتي التي تعوق الفعل. وذلك في الواقع هو الشرط الذي تعمل وسائل الإعلام والنظام ككل بنشاط جم على تحقيقه من حيث إن السلبية تعزز وتؤكد الإبقاء على الوضع القائم، وتتغذى السلبية على ذاتها مدمرة القدرة على الفعل الاجتماعي الذي يمكن أن يغير الظروف التي تحدّ من الإنجاز الإنساني.

يقول البرازيلي باولو فرير و هو أحد الفلاسفة المنظرين لحالة الإنسان المقهور في نظريته التربوية الخطيرة ( تربية المقهورين ) إن تضليل( manipulation) عقول البشر هو »أداة للقهر « فهو يمثل إحدى الأدوات التي تسعى النخبة من خلالها إلى »تطويع الجماهير لأهدافها الخاصة فباستخدام الوسائل المتاحة التي تفسر وتبرر الشروط السائدة للوجود بل وتضفي عليها أحيانا طابعا خلابا يضمن المضللون من خلاله التأييد الشعبي لنظام اجتماعي لا يخدم في ا لمدى البعيد المصالح الحقيقية للأغلبية. وعندما يؤدي التضليل الإعلامي للجماهير دوره بنجاح تنتفي الحاجة إلى اتخاذ تدابير اجتماعية بديلة.

على أن تضليل الجماهير لا يمثل أول أداة تتبناها النخب الحاكمة من أجل الحفاظ على السيطرة الاجتماعية. فالحكام لا يلجأ ون إلى التضليل الإعلامي-كما يوضح فرير-إلا »عندما يبدأ الشعب في الظهور ولو بصورة فجة كإرادة اجتماعية في مسار العملية التاريخية » « أما قبل ذلك فلا وجود للتضليل بالمعنى الدقيق للكلمة بل نجد بالأحرى قمعا شاملا. إذ لا ضرورة هناك لتضليل المضطهدين عندما يكونون غارقين لآذانهم في بؤس الواقع كما يقول المثل العربي " الضرب في الميت حرام".

و هناك عدة أساليب يمكن القول بأنها دعائم أساسية للتضليل أو التحريف الإعلامي كسياسة متبعة في بعض وسائل الإعلام المرئية و المسموعة أو المقروءة التي تعتمد التضليل لتحقيق أهدافها وذلك لتيقنها أنها تعمل عكس الحقيقة وأن الحقيقة تحول دون نجاحها في إقناع الناس برسالتها الإعلامية و من بين هذه الأساليب نجد:

- التحريف: و هو ما تقوم به القنوات الإخبارية من تحريف للكلمات بالقص والحذف وتغيير مسار الخطاب حسبما يريدون خدمة لهدف رسموه مسبقا يريدون إيصاله للمتلقي. ( فهل صدقتم مثلا أن داعية مثل العلامة يوسف القرضاوي الذي قضى حياته في خدمة الدين الإسلامي يبيح الخمر في أخر حياته)؟

- التكتيم أو التعتيم أو الحذف : تعمد وسائل الإعلام إلى إخفاء المعلومات التي يؤدي نشرها إلى تعذر أو صعوبة في تحقيق أهدافها المرسومة لها (طبعا هناك أحداث يومية يتابعها الإنسان بعينيه و لكن لا وجود لها على القنوات الإعلامية(

- التنكير: يقوم الكاتب بصياغة الأخبار والمعلومات بصيغة المبني للمجهول، أو ما يسمى كذا، أو ما يطلق على نفسه كذا، أو المدعو فلان بن فلان، بحيث يظهر الشخص أو الجهة مدار الحديث نكرة وكأن الناس لا يعرفونها وكأنها جهة وهمية غير واقعية وتطلق على نفسها ألقابا لا تحق لها.

- لفت الأنظار : عند وقوع أحداث كبيرة تهدد تحقيق الأهداف المرسومة تلجأ وسائل الإعلام إلى أسلوب لفت الأنظار بحيث تغير مجرى الحديث وتسلط الأضواء على متعلقات أخرى غير أصل المعلومات لتحصر التفكير فيما يخفف من الآثار المترتبة على الأحداث الواقعة.

- التجاهل : يحب الجمهور أن تتفاعل المؤسسات والهيئات والشخصيات مع القضايا التي يهتمون بها ويحتاجون إلى معرفة معلومات عن الجهات المتعددة ومواقفها المتلاقية والمختلفة إزاء تلك القضايا، وهنا تعبث وسائل الإعلام الممارسة للتضليل الإعلامي بالأمر وتتجاهل المواقف التي يعرقل نشرها تنفيذ أهدافها الرامية إلى التأثير في الرأي العام بشكل معين.

- الكذب أو التشويه : عندما تعجز وسائل الإعلام عن تحقيق مرادها بالتأثير في الرأي العام تلجأ إلى التشويه ونشر الأكاذيب وتلفيق الأخبار غير الحقيقية.

- الإيهام والتدليس : لمنح نفسها مصداقية تمارس وسائل الإعلام التدليس على المتلقين وتقوم بإيهام الجمهور أنها تأتي بالأخبار من مصادرها الأصلية بحيث يظن القارئ أو المستمع أو المشاهد أن الوسيلة الإعلامية حصلت على المعلومات من مصدرها الأصلي.

- دس السم في العسل : وهذه أخطر الأساليب المستخدمة في التضليل الإعلامي فتأتي وسائل الإعلام التي تمارس دس السم في العسل وتصنع الخبر على أسس سليمة وتضع فيه ما نسبته 90% من الصدق والحقائق الدامغات بينما تدس فيما تبقى السم الزعاف.

- التكرار: من الثوابت في النظريات الإعلامية أن الإعلام يحقق نتائج إيجابية لصالح المخططات الإعلامية بجهود تراكمية يرفد بعضها بعضا ويتأتى ذلك من خلال تكرار الرسالة الإعلامية بوسائط متعددة ووسائل مختلفة.

و لكن مع التدفق المعلوماتي الهائل من الفضائيات والإنترنت والصحف وأدوات الاتصال يحتاج الإنسان و المتلقي في الوقت نفسه إلى مؤهلات وأدوات منهجية جديدة يجب عليه امتلاكها للخروج من الحصار الذي تفرضه المؤسسات الإعلامية على الأفراد والمجتمعات بل و على الدول، إلى درجة لا تكاد تختلف عن الحصار بالتكتم والحظر.

يقول المفكر الأمريكي نعوم تشو مسكي: "نحتاج إلى سلوك طريق الدفاع الفكري عن النفس لحماية أنفسنا من الخداع والسيطرة، فالحكم سواء كان ديموقراطياً أو استبدادياً يقوم على الرأي، وكذلك الإنتاج والاستهلاك".

ويحتاج الإنسان إلى قدر كبير من التمحيص والذكاء في التعامل مع الطوفان الإعلامي والمعلوماتي الذي تغرقنا به وسائل الإعلام المتنوعة، ليس فقط من أجل تمييز الصواب من الخطأ والكذب من الصدق فيها، ولكن لتجنب حالة خطرة تُستدرج إليها المجتمعات والحكومات والمؤسسات العاملة في الإصلاح والتنمية وحتى الأفراد أيضاً، وهي أن تخضع الاهتمامات والبرامج والاتجاهات والفتاوى والمواقف والأفكار على مستوى الأمم والأفراد والمجتمعات والحكومات في العمل والتفكير والترويج والإنتاج والاستهلاك والتجارة والرأي وأنماط الحياة والتفكير والطعام واللباس والسكن حتى في الدواء والعلاج لاتجاهات إعلامية ذات دوافع هي ابتداءً سياسية أو احتلالية أو ترويجية، فيتحول الإعلام إلى مصدر أساس للسياسات واشتقاق البرامج والخطط، وتغيب حينها القضايا والأولويات الكبرى والمهمة؛ لأنها لا تملك الاهتمام الإعلامي أو لأنها تخضع لحرب من التجاهل والصمت.

ولعل أسوأ أنواع الحروب الإعلامية على القضايا والأولويات المهمة التي تتطلع إليها الشعوب والمجتمعات هي تجاهلها بالصمت وعدم النشر حولها، فذلك يقلل أهميتها ويبعدها عن الاهتمام، ويحولها إلى قضية ثانوية أو مجهولة، ويشغل الناس بغير أولوياتهم واحتياجاتهم.

و في الأخير يجب الإشارة أن استخدام طريقة المصافي الثلاث تمكن الإنسان في الحياة العامة من عدم الخوض في ما لا يعنيه و ما لا يهمه و تجنبه الوقوع في ذنب النميمة و هي محرمة بإجماع المسلمين وقد تظاهرت على تحريمها الدلائل الصريحة من الكتب والسنة وإجماع الأمة:

قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً (سورة الأحزاب: 58. (

وعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم»:لا يدخل الجنة نمام« متفق عليه.

أما في مواجهة هذا التضليل الإعلامي و الطوفان الدعائي فيحتاج الإنسان إلى استخدام ذكاء غير عادي، وتفحّص الطوفان الإعلامي بالحس السليم والذكاء المتشكك، فحتى بعد أن تمرر الخبر عبر المصافي الثلاث لا تستسلم له و لكن اطرح السؤال الثلاثي:
ماذا يجب أن نعرف؟
وماذا يريدون لنا أن نعرف ؟
ماذا يريدون لنا أن لا نعرف من خلال هذا الخبر؟

الأحد، 10 يونيو 2012

تحديد الأهداف


هناك قصة رائعة للأطفال اسمها "أليس في بلاد العجائب" للكاتب الإنجليزي العبقري لويس كارول، تحكي القصة أن "أليس" كانت تمشى في الغابة فقابلت صديقها الأرنب، فسألته حين التقته عند مفترق طرق:
يا أرنب.. في أي طريق أمشي؟
قال لها: يا أليس..إلى أي مكان تذهبين؟
قالت: لا أعرف.
قال: طالما أنك لا تعرفين، يمكنك المشي في أي طريق.

فهل تعرف وجهتك أنت، الكثيرون منا تأخذهم الحياة في طريقها برتابة عجيبة، فهم يسيرون على نفس المنوال ونفس الطريق الذي كانوا يسيرون عليه طيلة حياتهم بغير طموح، أو قفزة تثير الانتباه، أو خطوة ترقى ببنائهم الفكري أو المادي، فهم يعيشون حياتهم تائهين ليس لهم هدف أو هوية أو مهام يقومون بها وكثير للأسف تضيع حياتهم في عالم الأحلام و التمني فهم يحلمون نعم ولكنهم لا يملكون لا الدافع و لا الرؤية أو الخطة المدروسة

لتحقيق هذا الحلم و بالنظر حولنا سنجد أن معظم الناس يسيرون بلا هدى وبدون وجهة محددة ومرسومة بدقة و بدون معرفة المكان الذين سيصلون إليه. ولعل هذا ما توضحه لنا هذه القصة الطريفة:

كان هناك عاملين في إحدى شركات البناء أرسلتهم الشركة التي يعملون لحسابها من أجل إصلاح سطح إحدى البنايات وعندما وصل العاملان إلى المصعد وإذا بلافتة مكتوب عليها ( المصعد معطل ) فتوقفوا هنيهة يفكرون في ماذا يفعلون لكنهم حسموا أمرهم سريعا بالصعود على الدرج بالرغم من أن العمارة بها أربعين دورا

وبالرغم أنهم سيصعدون لهذا الارتفاع الشاهق وهم يحملون المعدات الثقيلة على ظهورهم ولكنها الحماسة فبدؤوا بالصعود دون تردد وبعد جهد كبير وعرق كثير وجلسات استراحة غير قليلة وصلا إلى غايتهم، هنا التفت أحدهم إلى الآخر وقال: لدى خبرين أود الإفصاح لك بهما.. أحدهم سار والآخر غير سار
فقال صديقه: إذن فلنبدأ بالسار
فقال له صاحبه: أبشر لقد وصلنا إلى سطح البناية أخيرا
فقال له صاحبه بعدما تنهد بارتياح: رائع لقد نجحنا
إذن ما الخبر السىء ؟فقال له صاحبه في غيظ: هذه ليست البناية المقصودة.

إن عملية تحديد الأهداف من أهم العمليات التي تبنى عليها نجاح حياة الإنسان فبدونها يتيه الإنسان و يضيع وسط الاتجاهات الممكنة.

يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم (( كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها ))
أي أن كل شخص في هذه الحياة يسير ويمضى.. فهناك من يمضى إلى طريق واضح المعالم يفيد نفسه في هذه الدنيا والآخرة وهناك من يتخبط يمينا و يسارا و ليس في جعبته من أسهم الخير والرؤى المستقبلية الخيرة شيء.

إن الإنسان الناجح هو الذي يسير ويتحرك ويتصرف ويتكلم و فق أهداف مرسومة مسبقا و يعمل على تحقيقها أما الإنسان الذي ليس له أهداف فإنه سيبقى في مكانه. وأهمية تحديد الهدف تتضح أكثر إذا علمنا أن هذه العملية تؤثر على العقل اللاواعي للإنسان ويصبح بالتالي يسير نحو الهدف تلقائيا. هل سرت ذات مرة في الطريق لقضاء حاجة ما فوجدت نفسك قد وصلت إلى غايتك دون أن تشعر. من الذي قادك إلى هناك؟ نعم، إنه اللاواعي. عندما نستطيع أن نغرس أهدافنا بشكل عميق في عقلنا اللاواعي فإنه بالتالي يقودنا بشكل تلقائي نحو الهدف

يقول الدكتور الأمريكي روبرت شولر في كتابه القوة الإيجابية: 'الأهداف ليست فقط ضرورية لتحفيزنا ولكنها أيضًا شيء أساسي يبقينا أحياء'

إن تحديدك لأهدافك وسعيك إلى تحقيقها، سوف يعطيك الشعور بأنك تسيطر على اتجاه حياتك بإذن الله، فأنت الذي تقرر ماذا تريد وأي طريق تسلك، ولا تترك ذلك للظروف وللآخرين يختارون لك حياتك، مما يعطيك إحساسا كبيرا بالثقة بالنفس والإحساس بالقوة التي أنعم الله بها عليك.

يقول نيدو كوبين " تركيز كل طاقاتك على مجموعة محددة من الأهداف هو الشيء الذي يستطيع أكثر من أي شيء آخر أن يضيف قوة إلى حياتك"

وتزداد هذه الثقة عندما يلوح لك بصيص الفوز و ترى نفسك وقد اقتربت يومًا بعد يوم من تحقيق أهدافك، وعندها لن يمنعك شيء من بلوغ آمالك، وستجد في نفسك القوة على مواجهة أي عقبة تحول بينك وبينها.

إنك بتحديدك لأهدافك تربح ثروة لا تساويها مليارات الأرض كلها؛ لأنك تربح بذلك حياتك نفسها، وهي لا تقدر بثمن،
كما تقول جاكلين كيندي: 'الثروة الوحيدة التي تستحق أن تجدها هي أن يكون لك هدف في الحياة'،

أو كما يقول هاري كمب: 'ليس الفقير هو من لا يملك مالاً، ولكن الفقير هو من لا يملك حلمًا'.

قامت جامعة Yale بالولايات المتحدة الأمريكية بعمل بحث يضم خريجي إدارة الأعمال الذين تخرجوا منذ عشر سنوات في محاولة منها لاكتشاف منهجية النجاح لديهم
فوجدوا أن 83 في المائة من الذين شملهم البحث لم يكن لديهم أهداف محددة سلفا وكان الملاحظ أنهم كانوا يعملون بجد ونشاط كي يبقوا على قيد الحياة ويوفروا لهم ولأسرهم متطلبات المعيشة
على الجانب الآخر وجدوا أن 14 في المائة منهم كان لديهم بالفعل أهداف ولكنها أهداف غير مكتوبة ولا يؤازرها خطط
واضحة للتنفيذ وكانت هذه العينة تكسب ثلاثة أضعاف العينة السابقة
وفى الأخير كعينة مختلفة تمثل 3 في المائة من الطلاب وهم الذين قاموا بتحديد أهداف واضحة وقاموا بصياغتها وكتابتها ووضع خطط لتنفيذها وهؤلاء كانوا يربحون عشرة أضعاف دخل المجموعة الأولى.

يقول تشارلز جينز في كتابه الذات العليا، بدون أهداف ستعيش حياتك متنقلا من مشكلة لأخرى بدلا من التنقل من فرصة إلى أخرى.

إذا قمت بوضع أهدافك بصورة واضحة ومحددة، وقمت بكتباتها حتى لا تغيب عن ناظريك فإنك ستصبح أكثر تركيزًا عليها، مما يحدو بك ولابد إلى مزيد من النجاح والإنجاز فتتحسن حياتك، وتصير أكثر طاقة وحيوية، وفي هذا وصول إلى درجة عالية من السعادة.

وتكون هذه السعادة دائمة ومستمرة إذا ارتبطت هذه الأهداف التي حددتها لنفسك بمرضاة الله عز وجل إذ أنها تكون في هذه الحالة سببًا للسعادة، ليس فقط في الدنيا، وإنما أيضًا في الآخرة، وذلك هو الفوز العظيم، يقول الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97].


السبت، 9 يونيو 2012

فن التعامل مع الناس



كان هنالك شاب سيئ الطباع، متقلب المزاج، سليط اللسان وكان يفقد صوابه بشكل مستمر، و يسيء باستمرار إلى جيرانه و أقربائه فاحضر له والده ذات يوم كيسا من المسامير و قال له يا بني دق مسمارا في سياج حديقتنا الخشبي كلما اجتاحتك موجة من الغضب وفقدت أعصابك و عزمت أن تسيء إلى أي احد وهكذا بدأ الولد بتنفيذ نصيحة والده، فدق في اليوم الأول37 مسمارا، ولكن إدخال المسامير في السياج لم يكن سهلا و يتطلب مجهودا غير يسير من الشاب اليافع
فبدأ يحاول تمالك نفسه عند الغضب حتى لا يضطر إلى دق المسامير في السياج الخشبي

وبــعد مرور أيام كان يدق مسامير اقل وخلال أسابيع تمكن من ضبط نفسه
وتوقف عن الغضب وعن دق المسامير نهائيا. فجاء إلى والده واخبره بإنجازه ففرح الأب بهذا التحول. وقال له : ولكن عليك الآن يا بني باستخراج مسمار واحد لكل يوم يمر عليك لم تغضب فيه و لم تسئ فيه إلى أي شخص وبدأ الولد من جديد بخلع المسامير في الأيام الذي لا يفقد أعصابه فيها حتى انتهى من كل المسامير المغروسة في السياج فجاء إلى والده واخبره بإنجازه المهمة مرة أخرى، فأخذه والده إلى السياج وقال له :

يا بني انك أحسنت صنعا ولكن انظر الآن إلى تلك الثقوب الكثيرة في السياج، هذا السياج لن يعود أبدا كما كان وأضاف الوالد الحكيم يا بني عندما تحدث بينك وبين الآخرين مشادة أو مشاحنة وتخرج منك بعض الكلمات البذيئة فأنت تتركهم بجرح في أعماقهم كتلك الثقوب التي تراها في السياج، أنت تستطيع أن تطعن الشخص ثم تخرج السكين من جوفه, ولكن تكون قد تركت أثرا لجرح غائر لهذا لا يهم كم من المرات قد تتأسف له لأن الجرح سيبقى موجودا و جرح اللسان أقوى من جرح الأبدان.

الإنسان اجتماعي بطبعه يحب تأسيس العلاقات وربط الصداقات. فمن حاجات الإنسان الضرورية حاجته للانتماء. والفطرة السليمة ترفض الانطواء و الانعزال وتأبى أيضا الانقطاع عن الآخرين والفرد مهما كان انطوائي فانه يسعى لتكوين صلات مع الآخرين وان كانت محدودة ويعسر و ربما يستحيل عليه الانكفاء على الذات والاستغناء عن الآخرين.

كما قال سبحانه وتعالى: (يَأيُهاَ اُلناسُ انا خَلَقنكم من ذَكَرٍ وأُنثَى وَجَعَلنكُمً شُعٌوبًا وَقَبائلَ لَتَعاَرَفُوا ان أَكرمَكُم عندَ الله أتقاكم ان الله عَلُيم خبيٌر).

االتعامل مع الناس فن من أهم الفنون نظراً لاختلاف عاداتهم و تقاليدهم و معتقداتهم و ميولاتهم النفسية فليس من السهل أبداً أن نحصل على حب وتقدير الآخرين وفي المقابل من السهل جداً أن نخسر الناس و نسيء إليهم و من الصعب تكوين صداقة واحدة حقيقية في سنة و من اليسير أن نخسر كل أصدقائنا في دقيقة، وكما يقال التقويض دائماً أسهل من التشييد فإن استطعت توفير بناء متين من حسن التعامل مع الغير فإن هذا سيسعدك أنت في المقام الأول لأنك ستشعر بحب الناس لك وحرصهم على معاشرتك، ويسعد من تخالطهم ويشعرهم بمتعة التقرب منك.

إن التعامل بفعالية مع الآخرين يعتبر نوعا راقيا من الفن لأنه يتطلب درجة عالية من الإبداع كما انه يعتبر مهارة لأنه ينبع من المعرفة و الجدارة مع الإشارة إلى انه يمكن تطوير هذه المهارة مع مرور الوقت من التعلم و الاقتباس من الناس ذووا الخبرة و الكفاءة في هذا الميدان. و يجب الإشارة أن هناك أساسيات و قوانين تساعد الفرد في الحصول على النتائج التي يريدها من علاقاته مع الغير و تمكنه من نسج ارتباطات ودية و طيبة مع الآخرين و اكتساب احترام و تقدير المحيطين به و معارفه و لعل أهم قانون في السلوك الإنساني و في ميدان التعامل مع الناس و الذي إذا طبقناه بجدية فإنه سيجلب لنا عدداً كبيرا من الأصدقاء وسعادة تامة و الذي إذا زغنا عنه فإننا سنفشل في كل علاقاتنا وهو: اجعل الشخص الآخر يشعر بأهميته، دائماً.

أنت تريد استحسان من تتعامل معهم وتريد أيضا الاعتراف بقيمتك الحقيقية، كما تريد أن تشعر أنهم في عالمك الصغير ولا تريد أن تستمع إلى إطراء رخيص كاذب وتريد أن يكون أصدقائك ومعاونوك، مثلما قال تشارلز شواب:"صادقون في ثنائهم ومسرفون في امتداحهم".

لنطع القاعدة الذهبية إذن، ولنمنح الآخرين ما نريد أن يمنوحنا إياه.

يقول هنري فورد " إذا كان هناك سر واحد للنجاح فذلك هو المقدرة على إدراك وجهة نظر الشخص الآخر، و النظر إلى الأشياء بالمنظار الذي ينظر به إليها"

يقول ديل كارنيجي في كتابه الشهير - كيف تختار الأصدقاء و تؤثر في الناس-:"من هواياتي أن اصطاد السمك, وبمقدوري أن أجعل الطُعم الذي أثبته في الصنارة أفخر أنواع الأطعمة, لكني أفضل استعمالي طعم الديدان على الدوام, ذلك أنني لا أخضع في انتقاء الطعم إلى رغبتي الخاصة, فالسمك هو الذي سيلتهم الطُعم وهو يفضل الديدان فإذا أردت اصطياده قدَّمت له ما يرغب فيه.

لماذا لا نجرب الطعم مع الناس ؟

لقد سئل لويد جورج السياسي البريطاني الداهية, عما أبقاه في دفَّة الحكم مع أن معاصريه من رجال الدول الأوربية الأخرى لم يستطيعوا الصمود مثله, فقال: ( إنني أُلائم بين ما أضعه في الصنارة وبين نوع السمك ).

والواقع أن "الطُعم" هذا مهمٌ للغاية ذلك أن علاقتك مع الآخرين تُهمهم أيضا بقدر ما تهمك أنت, فحين تتكلم إليهم حاول أن تنظر بعيونهم, وتعبر عما في خاطرك من زاويتهم وبمعنى آخر أبدِ لهم اكتراثك الصادق بهم, أكثر من اهتمامك بمصلحتك الشخصية, اجعلهم يتحمسون لما تريد منهم أن يفعلوه عن طريق اتخاذ الموقف من جانبهم.

و لترسيخ علاقاتك مع الناس يجب إدراك أبجديات السلوك الإنساني فكل الناس مثلا يكرهون النصيحة في العلن و يكرهون الأسلوب المباشر في النقد و يتجنبون من يركز على السلبيات دون الحسنات و يبتعدون عن من لا ينسى الزلات ويمقتون من يعاملهم باستعلاء و يكرهون من يتسرع في التوبيخ والتأنيب ومن يتمادى في الخطأ و يتجنبون من ينسب دائما الفضل لنفسه و في المقابل الناس يحبون من يظهر الاهتمام بهم و الذي يستمع إلى حديثهم و من يحترمهم ويقدرهم و يفتح لهم المجال لتحقيق ذواتهم كما ينتظرون الشكر والتشجيع و أن ينادون بأحب أسمائهم.

زيادة على هذا و حتى تتمكن من نسج خيوط علاقة متينة مع الطرف الآخر يجب أن تكون على دراية تامة بالطريقة التي يريدك الأخر أن تعامله بها.

يقول "كينيث جوود" في كتابة "كيف يمكنك تحويل الناس إلى ذهب":
" توقف دقيقة، لكي تكتشف حجم اهتمامك بشئونك الخاصة واهتمامك المتواضع بشئون الناس، وتأكد أن أي إنسان يفكر ويشعر بنفس الطريقة، ويحس بنفس الإحساس، فإذا أدركت هذا فقد بلغت في معاملة الناس بمرحلة متقدمة، فإن النجاح في معاملة الناس يعتمد على التفهم والإدراك لوجهة نظر الشخص الآخر.

فلماذا يبدي الناس اهتماما بك ما دمت أنت لاتهم بهم أولا و كيف تحاول اجتذاب أنظار الناس إليك دون أن يتجه نظرك إليهم أولا.

لقد اقترف نابليون دلك الخطأ، حتى انه قال لجوزفين في لقائهما الأخير " لقد نلت يا جوزفين من المجد و السلطة و السلطان ما لم ينله إنسان قط، و برغم ذلك فهاأنذا الساعة لا أجد صديقا مخلصا يمكن الاعتماد عليه سواك" و يشك المؤرخين في انه كان يستطيع الاعتماد عليها.

و لقد كتب الفرد أدار عالم النفس النمساوي كتابا اسماه ً ما ينبغي أن تعنيه لك الحياة" و فيه يقول أن الشخص الذي لا يهتم بالآخرين هو أحق الناس بمعاناة شدائد الحياة و في مثل هذا الشخص تتجلى الخيبة الإنسانية في مختلف صورها.

أما الإنسان المسلم فطيب بطبعه و يحب لغيره ما يحب لنفسه و يجب أن تتجلى فيه أسمى معاني الإنسانية من سماحة الخلق و طيبة النفس و حسن المعاشرة و لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة وقد وصفه الله تعالى بأنه ليِّن الجانب حريصاً على المسلمين. يقول تعالى:"فبما رحمةٍ من الله لنت لهم ولو كنت فضاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر"

أي أن من وسائل المعاملة الحسنة: أن تعفو عنهم, وتستغفر لهم. أي: أن تتجاوز عن الأخطاء وتغض الطرف عنها وتستغفر لهم. فتلك وسيلةٌ من وسائل تشجيعهم وتنمية السلوك الطيب فيهم. وتشاورهم في الأمر أي: تحترم رأيهم وتقدرهم وتعطيهم شيئاً من القيمة عندما تتعامل معهم, فما أسهل الناس وأنت تشاورهم, وما أقربهم منك وأنت تقدرهم.

و بما أن ملامح الوجه خيرُ معبِّرٍ عن إحساس صاحبه, فالوجه الصبوح ذو الابتسامة الطبيعية الصادقة خير وسيلةٍ لكسب الصداقة والتعاون مع الآخرين، قال صلى الله عليه وسلم في الحث على المعاملة الطيبة: (( تبسمك في وجه أخيك لك صدقة )).

إن تعبيرات الوجه تتكلم بصوت أعمق أثرا من صوت اللسان. و كأني بالابتسامة تقول عن صاحبها: إني أقدرك، إني سعيد برؤيتك. و لا اعني بالابتسامة مجرد علامة صفراء ترتسم على الشفتين لا روح فيها و لا إخلاص، كلا فهذه لا تنطلي اليوم على احد و إنما أتكلم عن الابتسامة الحقيقية التي تأتي من أعماق نفسك.