الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي
"هكذا أحب وطني وأحب فيه كل مواطن , و كل مواطن هو أخي و حبيبي , و سعادتي أن أراه حراً سعيداً , إنساناً منتجاً قادراً وليس عالة على احد , لا يطلب الاستجداء من احد , يجب ان نعتمد على انفسنا , و نبحث عن كوامن القدرة في اعماقنا , وسنجدها لأننا شعب كريم عظيم"
المقدم إبراهيم محمد الحمدي (1943 – 11 أكتوبر 1977). رئيس الجمهورية العربية اليمنية من 13 يونيو 1974 حتى 11 أكتوبر 1
977. وهو الرئيس الثالث للجمهورية العربية اليمنية بعد الإطاحه بحكم الإمامه عام 1962
ولد في عام 1943 في (قعطبه) محافظه (اب) وتعلم في كلية الطيران، ولم يكمل دراسته وعمل مع والده في محكمة ذمار في عهد الإمام أحمد يحيى حميد الدين (حاكم اليمن من عام 1948 - 1962)، وأصبح في عهد الرئيس عبد الله السلال قائداً لقوات الصاعقة، ثم مسؤولاً عن المقاطعات الغربية والشرقية والوسطى.
في عام 1972 أصبح نائب رئيس الوزراء للشؤون الداخلية، ثم عين في منصب نائب القائد العام للقوات المسلحة، وفي 13 يونيو 1974 قام بانقلاب عسكري أبيض أطاح بالقاضي عبد الرحمن الأرياني في حركة 13 يونيو 1974، وقام بتوديع الرئيس عبد الرحمن الأرياني رسمياً في المطار مغادراً إلى دمشق المدينة التي اختارها للإقامة مع افراد عائلته
سياسته الداخليه والخارجيه
انتهج سياسة مستقلة عن السعودية خارجياً، وسياسة معادية للقبائل داخلياً. قام بالانقلاب وهو برتبة عقيد وأصدر قراراً في ما بعد بإنزال جميع الرتب العسكرية إلى رتبة المقدم. وبدأ بالخطوات الأولى للحد من سلطة المشائخ ونفوذهم وقام باقصاء العديد منهم من المناصب العليا في الجيش والدولة
اليمن في عهده
شهدت الجمهورية في عهده أفضل أيام الرخاء والذي نتج عن الطفرة النفطية وإيرادات المغترين في دول الخليج وكذلك لنزاهته ووجد دولة النظام والقوانون وإقصاء المتنفذين وتطهير الدولة من الفساد الإداري والمالي. وعندما اندلعت الحرب الأهلية اللبنانية في أبريل 1975 دعا إلى عقد قمة عربية طارئة، كما اقترح تشكيل قوات ردع عربية.
اغتياله
تم اغتياله في حادثة مدبرة هو وأخوه عبد الله الحمدي في 11 أكتوبر 1977 عشية سفره إلى الجنوب لإعلان بعض الخطوات الوحدوية في أول زيارة لرئيس شمالي إلى الجنوب حيث أعلن الحمدي في 10 أكتوبر 1977م أنه سيقوم بزيارة تاريخية إلى عدن هي الأولى لرئيس شمالي إلى الجنوب للمشاركة في احتفالات الذكرى الرابعة والعشرين لـ 14 من أكتوبر التي طردت الاستعمار البريطاني ولاتخاذ خطوات وحدوية حاسمة "كما سماها"..
ومع انه مضى سنوات عديده على رحيل الشهيد الحمدي الا ان كل ان ذكراه وروحه لا زالت متعانقه مع ارواح وقلوب اليمانيين حتى الذين لم يعاصروه فقط لانهم سمعوا عنه وعن ما تمتع به من صفات وما آلت اليه اليمن في عهده.لماذا الحمدي؟ الله أكبر يا بلادي كبري وخذي بناصية المغير ودمري .. تلك هي أول أغنية حماسية اعترفت بحركة 13 يونيو 1974م، وبنفس الدرجة من الحماس الوطني رددها حزيران ذات يوم مشرق، واستجابت لندائه اليمن لمدة ثلاث سنوات خضر، قضاها الوطن متربعاً في قلب إبراهيم، وحاضراً في وجدانه وضميره، لأنه كان يلتقي من يرغب بلقائه من المواطنين أسبوعياً في لقاء مفتوح دون حواجز، ألغى مسميات (الشيخ والسيد) وأبدلها بالأخ التي تعني سواسية أبناء الشعب، أنزل جميع الرتب العسكرية التي وصلت حد التضخم وحامليها درجة التخمة، وجعل رتبة المقدم أعلى الرتب العسكرية بما فيها رتبته من العقيد إلى المقدم فأعاد للجندي والصف والضابط الهيبة المفقودة، ومنع استخدام السيارات الحكومية والعسكرية للأغراض الشخصية، وعمل على زيادة المرتبات مع أربعة مرتبات إضافية (وبدون جرع) تصرف في المناسبات كعيدي الفطر والأضحى وعيد الثورة وذكرى حركة 13 يونيو، وسلم للمتحف الوطني كل الهدايا العينية التي حصل عليها من الخارج كونها هدايا من شعب إلى شعب والمسؤول ليس إلا وسيطاً من وجهة نظره، وليس هذا غريب على قائد جمع في شخصيته القوة والقدوة والثقافة.
كان الحمدي حريصاً على المال العام ولم يكن في قاموسه عبارات البذخ والسفه والإسراف، ولقد تحقق للخزينة العامة فائضاً حيث بلغت الأرصدة الاحتياطية للريال اليمني بالعملة الصعبة "الدولار" بحسب ما ورد في نشرة الصندوق الدولي الفصلية ديسمبر 1977م (825) مليون دولار، بينما كان احتياطي مصر آنذاك ما يقارب (240) مليون دولار. قرر الحمدي إعادة بناء سد مأرب، فقصد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان –رحمه الله- فوافقه على تحمل التكاليف، فكانت الهدية الثانية من شعب الإمارات لليمن بعد محطة التلفزيون. عُرف عنه القيام بالزيارات (العمرية) الليلية والنهارية المفاجئة إلى كثير من المرافق الحكومية والسكانية والأمنية والعسكرية، وآخر زيارة مفاجئة له كانت إلى تعز قبل اغتياله بأسابيع، وقيل يومها أنه كان قاسياً جداً في توبيخ وانتقاد المسؤولين في المحافظة (المحافظ – قائد اللواء – مدير الأمن) بسبب التقصير وعدم الالتزام الوظيفي.
ما كٌتب عن الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي
رجل اختارته الاقدار
الكاتب: قوميل لبيب- مجلة "المصور المصرية" القاهرية التاريخ: 1976
" لقد قابلت الرئيس الحمدي ، ووجدت في وجهة سماحة ، ولكنها سماحة ثائر، وفي وجهه هدوءاً ، ولكنه يسبق العاصفة، اوهو بعد عاصفة ، وفي بيانه ترتيباً و منطقاً ، ترتيب مهندس يضع طوبة فوق طوبة ليبنى بيتاً ومنطق قاض يضع حيثية بعد حيثية ليصدر حكماً .
أليست هذه مواصفات رجال تختارهم الأقدار ليكتبوا التاريخ؟
لقد هناك في صنعاء في مكتب الرئيس الحمدي ،قائد اليمن ، المصحح الذي ثأر منذ ثلاثين شهراً على فوضى الحكم ومراكز القوى وفساد الضمائر . ومكتبه بالمناسبة –متواضع كأي مكتب في محافظة صعيدية".
قد تخيلته سيف بن ذي يزن
الكاتب: رئيس تحرير "اليمامة " السعودية التاريخ: 1977
"قابلت الحمدي بعد ثلاث أيام من وصولي للاطلاع على الحياة في اليمن. وحين فتح لي باب المكتب ، كان الرئيس يقف في استقبالي بزيه البسيط : بدله ذات لون بني وقد بادر بالسؤال عن "اليمامة" وجهازها يدل على متابعة خاصة ، فقلت له كيف تجد يا سيادة الرئيس الوقت الكافي لمتابعة هذه الأمور ، وان تقرأ أيضاً بهذا الشكل ؟ فقال الحمدي: أي رئيس هو إنسان قبل أي شيء.
إن مكتب الرئيس إبراهيم الحمدي ، غرفة متواضعة جداً من غرف القصر الجمهوري . ولا أدري لماذا تخيلته فارس اليمن سيف بن ذي يزن محرر اليمن من الأحباش والأوباش؟!
وأشهد بأن الحمدي ينفع صديقاً لكل إنسان".
قيادة الحمدي أدهشت الدبلوماسيين
الكاتب: "الجارديان" البريطانية التاريخ: 1977م
"المزاج العام لليمنيين في هذا العام، لم يكن مثل الأعوام السابقة. فاليمن تعيش حالياً مرحلة ازدهار اقتصادي. وقيادة الحمدي للبلاد طوال السنوات الثلاث الماضية أدهشت جميع الدبلوماسيين ، فهو حازم في السلطة ، ويبع سياسة انفتاح على كل الاتجاهات وسمعة الحمدي الدولية تزايدت منذ توليه السلطة ،حيث رأس مؤخراً المؤتمر الرباعي الذي طالب بجعل البحر الأحمر بحيرة سلام، ونال اهتمام دولياً . والنسبة للاقتصاد اليمني فإنه ينمو بسرعة فائقة . مستوى المعيشة في ارتفاع مضطرد"
رسالة إلى الحمدي
الكاتب: الدكتور محمد علي شاهرالتاريخ: 1975
"لميكن خطكم السياسي واضحاُ فيما سبق ،أما آلان فقد أصبح واضحاُ . وإنني أبدي تأييدي لفكرة الدولة المركزية وللإجراءات المؤدية إلى ذلك"
الدكتور محمد علي شاهر
من البيان الذي أصدره الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان
الكاتب: من البيان الذي أصدره الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان التاريخ: 12/10/1977
" إن الأيادي التي امتدت إلى ابن الأمة العربية المخلص الشهيد إبراهيم الحمدي ،هي أيادي غاشمة أثيمة ،تتربص دائماً بأبناء الأمة العربية المخلصين ، أصحاب العزائم والمنجزات الكبيرة".
إنه مهما يكن من أمر ،فإن حادث مصرع الشاب الخجول
الكاتب: الأستاذ محمد باقر شري - "السفير" البيروتية التاريخ: أكتوبر 77م
" إنه مهما يكن من أمر ،فإن حادث مصرع الشاب الخجول والحكيم الوطني ،المقدم إبراهيم الحمدي ،هو من الخطورة بحيث يفوق الضجة الإعلامية الهائلة التي أعقبته.
وسيدرك العرب بعد قليل أن الشاب الخجول والحكيم الوطني ،كان نسيجاً خاصاً من الزعامات العربية الكفؤة والمتواضعة ، والتي خدمت بلادها بصمت ،وإنه استطاع خلا السنوات الماضية أن يتصدى لأعباء نأى وسينوء سواه عن حملها".
رجل التوازن البارع
الكاتب: افتتاحية "الأهرام"التاريخ: 12/10/1977
"لقد رحل عن المسرح السياسي رجل التوازن البارع إبراهيم الحمدي".
هل تسعفنا الأقدار بحمدي آخر
الكاتب: رحمة حجيرة التاريخ: 1999
منذ عام 1994م ، وأنا انتظر حمدياً آخر ، لأنه حان موعد ظهوره . وفي كل يونيو من كل عام ، ابدأ أعد و أحصي ما يتناهي إلى مسامعي ، أو يتراءى إلى ناظري عن تطور الفساد والفوضى والعبث في هذه البلاد ، لأمني نفسي بالحمدي القادم الذي تنبأ به والدي ذو الحدس السياسي الذي لا يخيب..
وبالرغم من أن قلمي يرتجف هيبة لذكرى الراحل ، وذاكرتي تذهب بي و تجيء الأحاديث وروايات أمي وأبي عن عهد الحمدي ، وقراءاتي لخطاباته ، والمجلات التي كانت تتحدث عنه .. صوروه لي ملكاً، والثانية كانت حب الناس و التفافهم حوله، وليست بأموال الشعب التي يشتري بها الملك المزيف.
وما بوسع فتاة مثلى ،بدأت تعي وتفهم بعد حكم حاكمين تليا الحمدي.. فلم أشاهده في التلفاز قط ، ولم اسمع صوته في المذياع ابدأ ، بل ولم المس أو أر مما خلفه الحمدي ، وضل كما كان، سوى أشجار الكافور في مدينة تعز. أما
المعالم والمنجزات التي خلفها الحمدي بولائه للبلاد فقد مستها يد الفساد والسوء ، التي لا تترك شيئاً نقياً إلا ولوثته ،بما فيها الوحدة التي كانت الهم الأكبر والأساسي للراحل روحاً والحي في نفوسنا وذاكرة أبنائنا .
ولولا أن الموت داهمه قبل اللقاء الوحدوي المنتظر بيوم ، لكانت هناك وحدة حقيقية لا تمزقها حرب ولا مصالح ولا مطامح هذا ما قاله أبي.. لذا كان والدي حزيناً يوم 22 مايو ، يوم وقع على سالم و علي عبدالله صالح ، على اتفاقية الوحدة ، لأته كان يقول : " ليسا أمنيين عليها .. لأنهما لا يردان إلا مصالحهما ومصالح أتباعهما.. لذا لن تتم . ولو كان الحمدي موجوداً ،لظلت الوحدة اليمنية راسخة في العقول والقلوب.. ليس بالسلاح والقوة.. وفعلاً مرت 4 سنوات فقط وتفجرت الحرب وظل علم الوحدة والجمهورية اليمنية، والرئيس كما هم.. أما الشعب فقد انفصل تحت تأثير الدماء التي سالت، والمنازل التي نهبت، والقيادات العسكرية التي سيطرت وظلمت وقهرت وصادرت واستحلت.. ترى لو كان إبراهيم الحمدي لازال حاكماً ،هل كنا سنصبح شعباً واحدا تحت حكم دولة واحدة؟؟!
وقال أبي إن الحمدي كان يمشي بين أوساط الناس بدون حراسة مشددة .. لم يكن يحرسه 40 ألف جندي ، ولم تكن تتبعه عشرات السيارات التي تكفي لبناء عشرات المستشفيات ، ولم يكن يصرف الملايين من أجل فرض حبه وهيبته بالقوة والمال ، عن طريق شراء ذمم وأراء وكتب ومجلات وصحف الزنادقة، سواء العرب أو اليمنيين وقال إن الحمدي كان مثقفاً ،يعرف ما يقوله ، ويعرف ما لا يقوله في لقائه بشعبه مباشرة .. ولم يكن له بطانة تكتب له ما يقرأ ، وتسمح له أن يقابل من تريد، وتعلمه الاتهامات والإساءات الموجهة للشخصيات الوطنية.
وأكد كثير من المؤرخين الصادقين والمثقفين الذي شهدوا تلك الفترة، أنه أشجع وأنبل رجل عرفته اليمن.
فقد تحمل مسؤولية قيادة البلاد في الوقت الذي كانت تسبح في الفوضى ، والفساد،والصراعات القبلية، والسياسية ، والاقتتال المناطقي ، وعجز القضاة و المشائخ أنفسهم عن حماية البلاد .. فتحمل المسؤولية بكل شجاعة وحكمه وقدرة ، فنصب المشانق للمفسدين ، وبحث هو بنفسه عن الأدلة " الدامغة"!! التي تدينهم، ولم يكن حامياً أو مدافعاً عنهم، بل بدأ بمحاسبته المقربين.
وما يثير الضحك وليس الاستغراب –لأن الغرابة والغربة أصبحت أمراً مألوفاً في هذه البلاد- أن البعض من أصحاب المسؤولية يقولون : ما حقق الحمدي ؟ كان فقط وسيماً ، ولا يتلعثم في الحديث ، وكان .. وكان..! بينما نحن " الاعفاء" .. وقدمنا منجزات كثيرة للوطن، ونسى هؤلاء ، أو لم يعلموا بأن هناك راداراً في الشعوب الجاهلة والمتعلمة ، يميز بين الحاكم الصادق والمنافق ، وإن عاقت الظروف أن ينتج الأول كما من الوعود، فجمال عبدالناصر الذي كانت النكسة في عهده ، كان أكثر رسوخاً وشعبية وحباً في قلوب وذاكرة الجماهير العربية.. والسادات الذي كان الانتصار في عهده ، لم يحظ، ولو بجزء بسيط من حب الجماهير العربية ، بل حظي بسخطهم .. ناهيك عن الفاسد لا يمكن له أن يصلح نفسه.. لذا استطاع الحمدي أن يحدث في ثلاث سنوات ما لم يستطع غيره أن يحدثه في عقدين من الزمن !! والشعب أحب و أخلص للحمدي الذي كان مخلصاً وصادقاً لشعبه.
الغريب أن ذلك المسئول المتحدث ، نسى بأن ملايين الدولارات أهدرت من أجل فرض الهيبة والحب على شعب أمي فقير ، وعجزت تلك الملايين عن أن تجعل الشعب يحب حاكماً أخر غير الحمدي .. وضل الحمدي أصدق حاكم عرفته اليمن وأشهر رجل حفظته الذاكرة .. واليوم –بعد 22 عام على رحيله – مازلنا ننتظر حمديا أخر فأوضاع البلاد وتفشى الفساد فيها ، والعبث والفوضى ، وعودة الاقتتال بين القبائل و المشائخ والأسر ، وتسلطهم على المواطنين .. كل ذلك يعيد اليمن إلى الفترة التي قامت فيها حركة التصحيح، وإن كانت أحوالنا أكثر سوءاً وتدهوراً.. زاد ذلك عدم اعتراف المتسببين في ذلك، و المسئولين عليها، بوجودها.. وليت الأقدار تمنحنا حمدياً يأخذ بيدنا إلى المستقبل ويطهرنا من سوء أعمالنا..
"هكذا أحب وطني وأحب فيه كل مواطن , و كل مواطن هو أخي و حبيبي , و سعادتي أن أراه حراً سعيداً , إنساناً منتجاً قادراً وليس عالة على احد , لا يطلب الاستجداء من احد , يجب ان نعتمد على انفسنا , و نبحث عن كوامن القدرة في اعماقنا , وسنجدها لأننا شعب كريم عظيم"
المقدم إبراهيم محمد الحمدي (1943 – 11 أكتوبر 1977). رئيس الجمهورية العربية اليمنية من 13 يونيو 1974 حتى 11 أكتوبر 1
977. وهو الرئيس الثالث للجمهورية العربية اليمنية بعد الإطاحه بحكم الإمامه عام 1962
ولد في عام 1943 في (قعطبه) محافظه (اب) وتعلم في كلية الطيران، ولم يكمل دراسته وعمل مع والده في محكمة ذمار في عهد الإمام أحمد يحيى حميد الدين (حاكم اليمن من عام 1948 - 1962)، وأصبح في عهد الرئيس عبد الله السلال قائداً لقوات الصاعقة، ثم مسؤولاً عن المقاطعات الغربية والشرقية والوسطى.
في عام 1972 أصبح نائب رئيس الوزراء للشؤون الداخلية، ثم عين في منصب نائب القائد العام للقوات المسلحة، وفي 13 يونيو 1974 قام بانقلاب عسكري أبيض أطاح بالقاضي عبد الرحمن الأرياني في حركة 13 يونيو 1974، وقام بتوديع الرئيس عبد الرحمن الأرياني رسمياً في المطار مغادراً إلى دمشق المدينة التي اختارها للإقامة مع افراد عائلته
سياسته الداخليه والخارجيه
انتهج سياسة مستقلة عن السعودية خارجياً، وسياسة معادية للقبائل داخلياً. قام بالانقلاب وهو برتبة عقيد وأصدر قراراً في ما بعد بإنزال جميع الرتب العسكرية إلى رتبة المقدم. وبدأ بالخطوات الأولى للحد من سلطة المشائخ ونفوذهم وقام باقصاء العديد منهم من المناصب العليا في الجيش والدولة
اليمن في عهده
شهدت الجمهورية في عهده أفضل أيام الرخاء والذي نتج عن الطفرة النفطية وإيرادات المغترين في دول الخليج وكذلك لنزاهته ووجد دولة النظام والقوانون وإقصاء المتنفذين وتطهير الدولة من الفساد الإداري والمالي. وعندما اندلعت الحرب الأهلية اللبنانية في أبريل 1975 دعا إلى عقد قمة عربية طارئة، كما اقترح تشكيل قوات ردع عربية.
اغتياله
تم اغتياله في حادثة مدبرة هو وأخوه عبد الله الحمدي في 11 أكتوبر 1977 عشية سفره إلى الجنوب لإعلان بعض الخطوات الوحدوية في أول زيارة لرئيس شمالي إلى الجنوب حيث أعلن الحمدي في 10 أكتوبر 1977م أنه سيقوم بزيارة تاريخية إلى عدن هي الأولى لرئيس شمالي إلى الجنوب للمشاركة في احتفالات الذكرى الرابعة والعشرين لـ 14 من أكتوبر التي طردت الاستعمار البريطاني ولاتخاذ خطوات وحدوية حاسمة "كما سماها"..
ومع انه مضى سنوات عديده على رحيل الشهيد الحمدي الا ان كل ان ذكراه وروحه لا زالت متعانقه مع ارواح وقلوب اليمانيين حتى الذين لم يعاصروه فقط لانهم سمعوا عنه وعن ما تمتع به من صفات وما آلت اليه اليمن في عهده.لماذا الحمدي؟ الله أكبر يا بلادي كبري وخذي بناصية المغير ودمري .. تلك هي أول أغنية حماسية اعترفت بحركة 13 يونيو 1974م، وبنفس الدرجة من الحماس الوطني رددها حزيران ذات يوم مشرق، واستجابت لندائه اليمن لمدة ثلاث سنوات خضر، قضاها الوطن متربعاً في قلب إبراهيم، وحاضراً في وجدانه وضميره، لأنه كان يلتقي من يرغب بلقائه من المواطنين أسبوعياً في لقاء مفتوح دون حواجز، ألغى مسميات (الشيخ والسيد) وأبدلها بالأخ التي تعني سواسية أبناء الشعب، أنزل جميع الرتب العسكرية التي وصلت حد التضخم وحامليها درجة التخمة، وجعل رتبة المقدم أعلى الرتب العسكرية بما فيها رتبته من العقيد إلى المقدم فأعاد للجندي والصف والضابط الهيبة المفقودة، ومنع استخدام السيارات الحكومية والعسكرية للأغراض الشخصية، وعمل على زيادة المرتبات مع أربعة مرتبات إضافية (وبدون جرع) تصرف في المناسبات كعيدي الفطر والأضحى وعيد الثورة وذكرى حركة 13 يونيو، وسلم للمتحف الوطني كل الهدايا العينية التي حصل عليها من الخارج كونها هدايا من شعب إلى شعب والمسؤول ليس إلا وسيطاً من وجهة نظره، وليس هذا غريب على قائد جمع في شخصيته القوة والقدوة والثقافة.
كان الحمدي حريصاً على المال العام ولم يكن في قاموسه عبارات البذخ والسفه والإسراف، ولقد تحقق للخزينة العامة فائضاً حيث بلغت الأرصدة الاحتياطية للريال اليمني بالعملة الصعبة "الدولار" بحسب ما ورد في نشرة الصندوق الدولي الفصلية ديسمبر 1977م (825) مليون دولار، بينما كان احتياطي مصر آنذاك ما يقارب (240) مليون دولار. قرر الحمدي إعادة بناء سد مأرب، فقصد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان –رحمه الله- فوافقه على تحمل التكاليف، فكانت الهدية الثانية من شعب الإمارات لليمن بعد محطة التلفزيون. عُرف عنه القيام بالزيارات (العمرية) الليلية والنهارية المفاجئة إلى كثير من المرافق الحكومية والسكانية والأمنية والعسكرية، وآخر زيارة مفاجئة له كانت إلى تعز قبل اغتياله بأسابيع، وقيل يومها أنه كان قاسياً جداً في توبيخ وانتقاد المسؤولين في المحافظة (المحافظ – قائد اللواء – مدير الأمن) بسبب التقصير وعدم الالتزام الوظيفي.
ما كٌتب عن الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي
رجل اختارته الاقدار
الكاتب: قوميل لبيب- مجلة "المصور المصرية" القاهرية التاريخ: 1976
" لقد قابلت الرئيس الحمدي ، ووجدت في وجهة سماحة ، ولكنها سماحة ثائر، وفي وجهه هدوءاً ، ولكنه يسبق العاصفة، اوهو بعد عاصفة ، وفي بيانه ترتيباً و منطقاً ، ترتيب مهندس يضع طوبة فوق طوبة ليبنى بيتاً ومنطق قاض يضع حيثية بعد حيثية ليصدر حكماً .
أليست هذه مواصفات رجال تختارهم الأقدار ليكتبوا التاريخ؟
لقد هناك في صنعاء في مكتب الرئيس الحمدي ،قائد اليمن ، المصحح الذي ثأر منذ ثلاثين شهراً على فوضى الحكم ومراكز القوى وفساد الضمائر . ومكتبه بالمناسبة –متواضع كأي مكتب في محافظة صعيدية".
قد تخيلته سيف بن ذي يزن
الكاتب: رئيس تحرير "اليمامة " السعودية التاريخ: 1977
"قابلت الحمدي بعد ثلاث أيام من وصولي للاطلاع على الحياة في اليمن. وحين فتح لي باب المكتب ، كان الرئيس يقف في استقبالي بزيه البسيط : بدله ذات لون بني وقد بادر بالسؤال عن "اليمامة" وجهازها يدل على متابعة خاصة ، فقلت له كيف تجد يا سيادة الرئيس الوقت الكافي لمتابعة هذه الأمور ، وان تقرأ أيضاً بهذا الشكل ؟ فقال الحمدي: أي رئيس هو إنسان قبل أي شيء.
إن مكتب الرئيس إبراهيم الحمدي ، غرفة متواضعة جداً من غرف القصر الجمهوري . ولا أدري لماذا تخيلته فارس اليمن سيف بن ذي يزن محرر اليمن من الأحباش والأوباش؟!
وأشهد بأن الحمدي ينفع صديقاً لكل إنسان".
قيادة الحمدي أدهشت الدبلوماسيين
الكاتب: "الجارديان" البريطانية التاريخ: 1977م
"المزاج العام لليمنيين في هذا العام، لم يكن مثل الأعوام السابقة. فاليمن تعيش حالياً مرحلة ازدهار اقتصادي. وقيادة الحمدي للبلاد طوال السنوات الثلاث الماضية أدهشت جميع الدبلوماسيين ، فهو حازم في السلطة ، ويبع سياسة انفتاح على كل الاتجاهات وسمعة الحمدي الدولية تزايدت منذ توليه السلطة ،حيث رأس مؤخراً المؤتمر الرباعي الذي طالب بجعل البحر الأحمر بحيرة سلام، ونال اهتمام دولياً . والنسبة للاقتصاد اليمني فإنه ينمو بسرعة فائقة . مستوى المعيشة في ارتفاع مضطرد"
رسالة إلى الحمدي
الكاتب: الدكتور محمد علي شاهرالتاريخ: 1975
"لميكن خطكم السياسي واضحاُ فيما سبق ،أما آلان فقد أصبح واضحاُ . وإنني أبدي تأييدي لفكرة الدولة المركزية وللإجراءات المؤدية إلى ذلك"
الدكتور محمد علي شاهر
من البيان الذي أصدره الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان
الكاتب: من البيان الذي أصدره الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان التاريخ: 12/10/1977
" إن الأيادي التي امتدت إلى ابن الأمة العربية المخلص الشهيد إبراهيم الحمدي ،هي أيادي غاشمة أثيمة ،تتربص دائماً بأبناء الأمة العربية المخلصين ، أصحاب العزائم والمنجزات الكبيرة".
إنه مهما يكن من أمر ،فإن حادث مصرع الشاب الخجول
الكاتب: الأستاذ محمد باقر شري - "السفير" البيروتية التاريخ: أكتوبر 77م
" إنه مهما يكن من أمر ،فإن حادث مصرع الشاب الخجول والحكيم الوطني ،المقدم إبراهيم الحمدي ،هو من الخطورة بحيث يفوق الضجة الإعلامية الهائلة التي أعقبته.
وسيدرك العرب بعد قليل أن الشاب الخجول والحكيم الوطني ،كان نسيجاً خاصاً من الزعامات العربية الكفؤة والمتواضعة ، والتي خدمت بلادها بصمت ،وإنه استطاع خلا السنوات الماضية أن يتصدى لأعباء نأى وسينوء سواه عن حملها".
رجل التوازن البارع
الكاتب: افتتاحية "الأهرام"التاريخ: 12/10/1977
"لقد رحل عن المسرح السياسي رجل التوازن البارع إبراهيم الحمدي".
هل تسعفنا الأقدار بحمدي آخر
الكاتب: رحمة حجيرة التاريخ: 1999
منذ عام 1994م ، وأنا انتظر حمدياً آخر ، لأنه حان موعد ظهوره . وفي كل يونيو من كل عام ، ابدأ أعد و أحصي ما يتناهي إلى مسامعي ، أو يتراءى إلى ناظري عن تطور الفساد والفوضى والعبث في هذه البلاد ، لأمني نفسي بالحمدي القادم الذي تنبأ به والدي ذو الحدس السياسي الذي لا يخيب..
وبالرغم من أن قلمي يرتجف هيبة لذكرى الراحل ، وذاكرتي تذهب بي و تجيء الأحاديث وروايات أمي وأبي عن عهد الحمدي ، وقراءاتي لخطاباته ، والمجلات التي كانت تتحدث عنه .. صوروه لي ملكاً، والثانية كانت حب الناس و التفافهم حوله، وليست بأموال الشعب التي يشتري بها الملك المزيف.
وما بوسع فتاة مثلى ،بدأت تعي وتفهم بعد حكم حاكمين تليا الحمدي.. فلم أشاهده في التلفاز قط ، ولم اسمع صوته في المذياع ابدأ ، بل ولم المس أو أر مما خلفه الحمدي ، وضل كما كان، سوى أشجار الكافور في مدينة تعز. أما
المعالم والمنجزات التي خلفها الحمدي بولائه للبلاد فقد مستها يد الفساد والسوء ، التي لا تترك شيئاً نقياً إلا ولوثته ،بما فيها الوحدة التي كانت الهم الأكبر والأساسي للراحل روحاً والحي في نفوسنا وذاكرة أبنائنا .
ولولا أن الموت داهمه قبل اللقاء الوحدوي المنتظر بيوم ، لكانت هناك وحدة حقيقية لا تمزقها حرب ولا مصالح ولا مطامح هذا ما قاله أبي.. لذا كان والدي حزيناً يوم 22 مايو ، يوم وقع على سالم و علي عبدالله صالح ، على اتفاقية الوحدة ، لأته كان يقول : " ليسا أمنيين عليها .. لأنهما لا يردان إلا مصالحهما ومصالح أتباعهما.. لذا لن تتم . ولو كان الحمدي موجوداً ،لظلت الوحدة اليمنية راسخة في العقول والقلوب.. ليس بالسلاح والقوة.. وفعلاً مرت 4 سنوات فقط وتفجرت الحرب وظل علم الوحدة والجمهورية اليمنية، والرئيس كما هم.. أما الشعب فقد انفصل تحت تأثير الدماء التي سالت، والمنازل التي نهبت، والقيادات العسكرية التي سيطرت وظلمت وقهرت وصادرت واستحلت.. ترى لو كان إبراهيم الحمدي لازال حاكماً ،هل كنا سنصبح شعباً واحدا تحت حكم دولة واحدة؟؟!
وقال أبي إن الحمدي كان يمشي بين أوساط الناس بدون حراسة مشددة .. لم يكن يحرسه 40 ألف جندي ، ولم تكن تتبعه عشرات السيارات التي تكفي لبناء عشرات المستشفيات ، ولم يكن يصرف الملايين من أجل فرض حبه وهيبته بالقوة والمال ، عن طريق شراء ذمم وأراء وكتب ومجلات وصحف الزنادقة، سواء العرب أو اليمنيين وقال إن الحمدي كان مثقفاً ،يعرف ما يقوله ، ويعرف ما لا يقوله في لقائه بشعبه مباشرة .. ولم يكن له بطانة تكتب له ما يقرأ ، وتسمح له أن يقابل من تريد، وتعلمه الاتهامات والإساءات الموجهة للشخصيات الوطنية.
وأكد كثير من المؤرخين الصادقين والمثقفين الذي شهدوا تلك الفترة، أنه أشجع وأنبل رجل عرفته اليمن.
فقد تحمل مسؤولية قيادة البلاد في الوقت الذي كانت تسبح في الفوضى ، والفساد،والصراعات القبلية، والسياسية ، والاقتتال المناطقي ، وعجز القضاة و المشائخ أنفسهم عن حماية البلاد .. فتحمل المسؤولية بكل شجاعة وحكمه وقدرة ، فنصب المشانق للمفسدين ، وبحث هو بنفسه عن الأدلة " الدامغة"!! التي تدينهم، ولم يكن حامياً أو مدافعاً عنهم، بل بدأ بمحاسبته المقربين.
وما يثير الضحك وليس الاستغراب –لأن الغرابة والغربة أصبحت أمراً مألوفاً في هذه البلاد- أن البعض من أصحاب المسؤولية يقولون : ما حقق الحمدي ؟ كان فقط وسيماً ، ولا يتلعثم في الحديث ، وكان .. وكان..! بينما نحن " الاعفاء" .. وقدمنا منجزات كثيرة للوطن، ونسى هؤلاء ، أو لم يعلموا بأن هناك راداراً في الشعوب الجاهلة والمتعلمة ، يميز بين الحاكم الصادق والمنافق ، وإن عاقت الظروف أن ينتج الأول كما من الوعود، فجمال عبدالناصر الذي كانت النكسة في عهده ، كان أكثر رسوخاً وشعبية وحباً في قلوب وذاكرة الجماهير العربية.. والسادات الذي كان الانتصار في عهده ، لم يحظ، ولو بجزء بسيط من حب الجماهير العربية ، بل حظي بسخطهم .. ناهيك عن الفاسد لا يمكن له أن يصلح نفسه.. لذا استطاع الحمدي أن يحدث في ثلاث سنوات ما لم يستطع غيره أن يحدثه في عقدين من الزمن !! والشعب أحب و أخلص للحمدي الذي كان مخلصاً وصادقاً لشعبه.
الغريب أن ذلك المسئول المتحدث ، نسى بأن ملايين الدولارات أهدرت من أجل فرض الهيبة والحب على شعب أمي فقير ، وعجزت تلك الملايين عن أن تجعل الشعب يحب حاكماً أخر غير الحمدي .. وضل الحمدي أصدق حاكم عرفته اليمن وأشهر رجل حفظته الذاكرة .. واليوم –بعد 22 عام على رحيله – مازلنا ننتظر حمديا أخر فأوضاع البلاد وتفشى الفساد فيها ، والعبث والفوضى ، وعودة الاقتتال بين القبائل و المشائخ والأسر ، وتسلطهم على المواطنين .. كل ذلك يعيد اليمن إلى الفترة التي قامت فيها حركة التصحيح، وإن كانت أحوالنا أكثر سوءاً وتدهوراً.. زاد ذلك عدم اعتراف المتسببين في ذلك، و المسئولين عليها، بوجودها.. وليت الأقدار تمنحنا حمدياً يأخذ بيدنا إلى المستقبل ويطهرنا من سوء أعمالنا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق